الانتقال والحركة والجسم الحي الذي يكون موصوفا بهذه الصفة يكون في غاية النقص والعجز ، وتعالى الله عنه علوا كبيرا.
والوجه الرابع في بيان فساد هذا القسم : إنه لو جاز في شيء مختص بجهة معينة. أن يقال : إن اختصاصه بتلك الجهة واجب ، جاز أيضا ادعاء أن بعض الأجسام حصل في حيز معين ، على سبيل الوجوب ، بحيث يمتنع خروجه عنه. وعلى هذا التقدير فلا يتمشى دليل حدوث الأجسام في كل الأجسام. لأنه يقال : لم لا يجوز وجود أجسام كثيرة مختصة بأحياز خارج العالم ، بحيث يمتنع عليها الانتقال ، وحينئذ لا يجري دليلكم على حدوث الأجسام في كلها؟ وقائل هذا القول لا يمكنه القطع بحدوث كل الأجسام.
الوجه الخامس في بيان فساد هذا القسم : هو أنه لو كان واجب الحصول في حيز معين ، وكان ممتنع الحصول في سائر الأحياز ، فحينئذ يكون ذلك الحيز مخالفا بالماهية لسائر الأحياز ، إذ لو كان مساويا لسائرها ، لوجب تساويها في جميع اللوازم والآثار ، ولو كانت الأحياز مختلفة بالماهية والحقيقة ، لكانت أمورا موجودة. فإذا قلنا : إن الباري تعالى يجب حصوله في الحيز المعين ، فحينئذ يلزم افتقاره في وجوده وتحققه إلى وجود غيره ، ولو كان الأمر كذلك ، لكان ممكنا لذاته ، وذلك محال.
فيثبت بهذه الوجوه الخمسة : أنه يمتنع أن يقال : إنه حصل في حيز معين على سبيل الوجوب.
وأما القسم الثاني وهو أن يقال : إنه حصل في الحيز المعين على سبيل الجواز : فنقول : هذا محال لوجوه :
الأول : إنه لما صح عليه الحركة والسكون ، فحينئذ لا تكون ذاته المخصوصة ، مقتضية لواحد منهما مع أنه يمتنع خلو ذاته عنهما ، فذاته مفتقرة إليهما ، وكل واحد منهما مفتقر إلى سبب منفصل ، والموقوف على الموقوف على الشيء ، موقوف على ذلك الشيء فيلزم افتقار ذات الله تعالى إلى شيء غيره ،