غير متناه ، مع أنه يكون مختصا بالحيز والجهة؟ والجواب : إنا إذا أشرنا إلى شيء مختص بحيز وجهة ، فقد حصل هناك شيء. وذلك الشيء هل له وجود في سائر الجوانب الستة أم لا؟ أما الثاني فهو باطل. لأنه يلزم عليه أن يكون إله العالم جوهرا فردا ، وجزءا لا يتجزأ؟ وذلك باطل بالاتفاق. بقي القسم الأول فنقول : الحاصل في كل واحد من الأحياز التي لا تنقسم. إما أن يكون عين الحاصل في الحيز الآخر (١) أو غيره؟ فإن كان الأول لزم أن يكون الذات الواحدة حاصلة في الأحياز الكثيرة دفعة واحدة ، وذلك معلوم الامتناع ببديهة العقل. وأيضا : فلو عقل ما ذكرتم ، فلم لا يعقل أيضا أن يقال : العرش جوهر فرد ، وجزء لا يتجزأ وهو بعينه حاصلا في الأحياز الكثيرة؟ وعلى هذا التقدير ، فلم يجوز أن يكون إله العالم هو نفس العرش؟ وحينئذ يلزم إبطال القول بإثبات الصانع وهو باطل. قوله : «لم لا يجوز أن يكون مركبا من الأجزاء إلا أن تلك الأجزاء لا تقبل التفرق والتمزق»؟ قلنا : لأنا بينا أن الأجزاء الشاغلة للحيز ، يجب كونها متساوية في تمام الماهية ، وحينئذ يلزم جواز التفرق والتمزق ، ولأنه لو عقل ما ذكرتم ، فلم لا يجوز أن يقال : إله العالم هو العرش نفسه؟ وهو وإن كان مركبا من الأجزاء والأبعاض إلا أن يقال : إله العالم هو العرش نفسه؟ وهو وأن كان مركبا من الأجزاء والأبعاض إلا أنه لا يقبل التفرق والتمزق ، وحينئذ يلزم نفي الصانع وهو باطل. أما قوله «لم لا يجوز أن يكون الباري تعالى مباينا للعرش بينونة غير متناهية»؟ فنقول : هذا باطل. وذلك لأن ذات الباري تعالى ، لا بد وأن يكون متناهيا محدودا من جانب التحت وإلا لزم أن يكون العالم حاصلا في ذات الباري تعالى وهو محال بالاتفاق ، وإذا ثبت لذات الباري حد ونهاية من جانب التحت ، وثبت أيضا للعالم حد ونهاية ، فحينئذ يلزم أن يكون البعد بين الباري وبين العالم محدودا بهذين الحدين ، وذلك (٢) [لا] يوجب كون ذلك البعد متناهيا ، فالقول بأنه غير متناه يوجب الجمع بين النقيضين وهو محال. وهذا بخلاف قولنا : إنه تعالى
__________________
(١) الجزء الآخر (س) الحيز الأجزاء (و).
(٢) وذلك يوجب كون البعد (و).