سبع مرات (١) وذكر أيضا :«وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ(٢) وقوله :«إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ(٣) والألفاظ الدالة على النزول والتنزيل كثيرة جدا والآيات المشتملة على لفظ إلى الدالة على انتهاء الغاية خارجة عن الحد ، وليس في القرآن البتة لفظ يدل على نفي الجهة. فلو كان الدين الحق عنده نفي الجهة ، لكان من الواجب أن يذكر ذلك مرة واحدة. فلما أثبت الجهة في آيات لا حصر لها ، ولا حد لها ، ولم يذكر البتة نفي الجهة ، علمنا أنه تعالى كان مصرا على إثبات الجهة.
وأما الأخبار المنقولة عن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم فلا حصر لها ولا حد.
وأما التوراة : فمملوءة من هذه المعاني ، وهذا يدل على أن الأنبياء والرسل عليهم السلام كانوا متفقين على إثبات الجهة للّه تعالى.
وليس لقائل أن يقول : إنا نذكر لهذه الألفاظ تأويلات «٤» ، وذلك لأن
__________________
(١) في السور الآتية ١ ـ الأعراف ٢ ـ يونس ٣ ـ الرعد ٤ ـ طه ٥ ـ الفرقان ٦ ـ السجدة ٧ ـ الحديد
(٢) الأنعام ١٨.
(٣) فاطر ١٠.
(٤) اعلم : أن كثيرين من اليهود ، يؤلون ـ والتأويل هو الصحيح ـ لأن على طريقة المحكم والمتشابه. قال موسى بن ميمون المتوفى ٦٠٢ ه في دلالة الحائرين ما نصه :
«ينبغي أن يربى الصغار ، ويعلن في الجمهور : على أن اللّه عز وجل : واحد. ولا ينبغي أن يعبد سواه. كذلك ينبغي أن يقلدوا بأن اللّه ليس بجسم ، ولا شبه بينه وبين مخلوقاته أصلا ، في شيء من الأشياء ، ولا وجوده شبه وجودها ، ولا حياته شبه حياة الحي منها ، ولا علمه شبه علم من له علم منها ، وأن ليس الاختلاف بينه وبينها بالأكثر والأقل فقط. بل بنوع الوجود. أعني أن يقرر عند الكل : أن ليس علمنا وعلمه ، أو قدرتنا وقدرته ، تختلف بالأكثر والأقل والأشد والأضعف ، وما أشبه. إذ القوي والضعيف متشابهان بالنوع ضرورة ، يجمعهما حد ما واحد. وكذلك كل نسبة إنما تكون بين شيئين ، تحت نوع واحد. وقد تبين ذلك أيضا في العلوم الطبيعية. بل كل ما ينسب إليه تعالى مباين لصفاتنا ، من كل جهة ، حتى لا يجمعهما حد أصلا. وكذلك وجوده ووجود ما سواه ، إنما يقال عليهما وجود ، باشتراك الاسم ـ كما سأبين ـ وهذا القدر يكفي الصغار والجمهور في إقرار أذهانهم ، على أن ثم موجودا كاملا ، لا جسم ، ولا قوة في جسم ، هو الإله ، ولا يلحقه نحو من أنحاء النقص ، ولذلك ليس يلحقه انفعال أصلا ...
فاعلم يا هذا. أنك متى اعتقدت تجسيما ، أو حالة من حالات الجسم ، فإنك تستفز غيرة الرب وغضبه وتوقد نار سخطه. وإن كارهه وعدوه وخصمه. أشد من عابد الوثن بكثير. وإن خطر ـ