بالجهة ، معلل بكونه جوهرا ، فبطل قولكم : إن خصوص كونه عرضا ، وخصوص كونه جوهرا لا يصلحان لعلية هذا الحكم ، وإن أردتم به أن إمكان الانقسام إلى هذين الحكمين حكم واحد ، وأنه ثابت في جميع الموجودات التي في الشاهد ، فهذا باطل لأن إمكان الانقسام إلى هذين القسمين ، لم يثبت في شيء من الموجودات التي في الشاهد ، فضلا عن أن يثبت في جميعها ، لأن كل موجود في الشاهد فهو إما جوهر وإما عرض ، فإن كان جوهرا امتنع كونه مجانبا لغيره ، فلم يكن قابلا لهذا الانقسام ، وإن كان عرضا امتنع كونه مباينا لغيره بالجهة ، فلم يكن قابلا لهذا الانقسام ، فثبت بما ذكرنا : أن الذي قالوه مغالطة. والحاصل : أن هذا المستدل أوهم أن قوله الموجود في الشاهد إما أن يكون مجانبا لغيره ، أو مباينا عنه بالجهة إشارة إلى حكم واحد ثم بنى عليه أنه لا يمكن تعليل ذلك الحكم بخصوص كونه جوهرا ، أو بخصوص كونه عرضا. ونحن بينا : أنه إشارة إلى حكمين مختلفين معللين بعلتين مختلفتين.
السؤال الرابع : سلمنا أنه لا يمكن تعليل هذا الحكم بخصوص كونه جوهرا ، ولا بخصوص كونه عرضا. فلم قلتم : إنه لا بد من تعليله إما بالحدوث وإما بالوجود؟ وما الدليل على هذا الحصر؟ أقصى ما في الباب أن يقال : سبرنا وبحثنا فلم نجد قسما آخر إلا أنا بينا في الكتب المنطقية : أن عدم الوجدان لا يوجب وجدان العدم ، وقد قررنا : أن التقسيمات المنتشرة لا تفيد الظن فضلا عن اليقين.
السؤال الخامس : سلمنا أن عدم الوجدان يفيد وجدان العدم ، إلا أنا نذكر وجوها أخرى هاهنا ، سوى الحدوث والوجود. وبيانه من وجهين : ـ
الأول : إنه يحتمل أن يكون المقتضى لقولنا : الشيء إما أن يكون مجانبا للعالم أو مباينا عنه. هو كونه بحيث تصح الإشارة الحسية إليه ، وذلك لأنا نقول : كل شيئين تصح الإشارة الحسية إليهما ، فأما أن تكون الإشارة إلى أحدهما غير الإشارة إلى الآخر (١)] وهذا هو المباينة في الجهة. فيثبت أن
__________________
(١) من (و).