الله تعالى [فهذا مجموع دلائل القاطعين بامتناع رؤية الله تعالى (١)].
واعلم : أن هذه الوجوه خسيسة ضعيفة جدا أما الوجه الأول فالاعتراض عليه من وجوه : الأول : إنا لا نسلم أن عند حصول الشرائط الثمانية يجب حصول الابصار ، ويدل عليه وجوه : الأول : إنا إذا وضعنا على الطبق منّا من الدقيق ، فإنا نراه ، ونقول : ذلك الدقيق عبارة عن تلك الذرات الصغيرة المتلاصقة. فرؤية الدقيق عبارة عن رؤية مجموع تلك الذرات ، ورؤية ذلك المجموع عبارة عن رؤية كل واحد من تلك الذرات مع الأخرى ، ونقول : إما أن تكون رؤية كل واحدة من تلك الذرات موقوفة على رؤية الذرة الأخرى وحينئذ يلزم منه الدور ، وإما أن تتوقف رؤية إحدى الذرتين على رؤية الذرة الأخرى ، ولا تتوقف رؤية الذرة الثانية على رؤية الذرة الأولى ، وذلك محال. لأن تلك الذرات متساوية في تمام الماهية ، فتوقيف أحد الجانبين على الجانب الآخر من غير عكس ، يكون حكما بترجيح الممكن من غير مرجح. وهو محال. وإما أن يكون الحق هو أن رؤية كل واحدة من تلك الذرات غير موقوفة على رؤية الذرة الأخرى ، وإذا كان الحق هو هذا القسم وجب الحكم بأنه تصح رؤية كل واحدة منهما حال انفرادها عن كل ما سواها مع أنا لا نراها ، وذلك يوجب القطع بأنه لا يلزم من كون الشيء صحيح الرؤية ، مع سائر الشرائط : وجوب رؤيته. السؤال الثاني : سلمنا هذا الوجوب في رؤية الأجسام والأعراض ، فلم قلتم : بأنه لما وجبت رؤية الأجسام والأعراض عند اجتماع هذه الشرائط الثمانية ، وجب حصول رؤية الله تعالى عند اجتماعها؟ وبيانه : أن بتقدير جواز رؤية الله تعالى ، فإن رؤيته تكون مخالفة بالماهية لرؤية الأجسام والأعراض ، ولا يلزم من ثبوت حكم في ماهية ، ثبوت مثل ذلك الحكم فيما يخالف تلك الماهية ، فعلى هذا لا يلزم من وجوب رؤية الأجسام والأعراض عند اجتماع هذه الشرائط ، وجوب رؤية الله تعالى عند اجتماع هذه الشرائط. وهذا سؤال ظاهر قوي ، وأنا شديد (٢)
__________________
(١) من (و).
(٢) وقال المصنف : أنا ... الخ (س).