رأس ، لأن هذه التصورات كانت حاضرة عند الإنسان ، فالخيال ركب بعضها مع البعض. وأما تركيبات العقل فمثل تركيب أحد التصورين بالآخر حتى تتركب منهما مقدمة ، وتركيب أحدى المقدمتين بالأخرى حتى يتركب منهما قياسا.
إذا عرفت هذه الأقسام الأربعة من التصورات. فنقول : الإنسان لا يمكنه أن يستحضر نوعا من أنواع التصورات ، إلا على أحد هذه الأقسام الأربعة ، فأما ما يكون مغايرا لهذه الأقسام الأربعة فإنه لا يمكنه [أن يستحضر (١)] تصورها البتة. والدليل عليه : أنا إذا رجعنا إلى انفسنا واعتبرنا أحوال إدراكاتنا وتعقلاتنا ، علمنا أنه لا يمكننا أن نستحضر شيئا من التصورات إلّا على أحد هذه الوجوه الأربعة. فإن قالوا : إنا نحكم بأن شريك الإله ممتنع ، ولو لا أنا تصورنا معنى شريك الإله ، وإلا لما أمكننا أن نحكم عليه بالامتناع ، فيثبت أن معنى شريك الإله : متصور لنا ، مع أنه خارج عن الأقسام الأربعة المذكورة. فنقول : بل هذا من باب تركيب العقل ، وذلك لأنه حصل عنده معنى الشريك ، حيث وجد. وحصل عنده معنى الإله. فنقول عند هذا : حصول شيء : لله تعالى. نسبته إليه كنسبة أحد الشريكين إلى الآخر فيما بيننا : محال. فيثبت أن هذا من باب التصورات المركبة. وإذا ثبت هذا فنقول : حقيقة الإله : ما وجدناها بحواسنا ، ولا من القسم الثاني وهو الوجدانيات النفسانية ، ولا من التصورات العقلية مثل الوجود والعدم ، [ولا من القسم الرابع (٢)] وهو التصورات المركبة من تلك الأقسام الثلاثة. ولما كانت الحقيقة المخصوصة التي هي ذات الله مخالفة لهذه الأقسام الأربعة وثبت بالاستقراء أنه لا يمكننا تحصيل شيء من التصورات ، إلا على أحد تلك الأقسام الأربعة ، وجب الجزم بأن تصور حقيقة تلك الذات المخصوصة غير حاصل للبشر.
__________________
(١) من (س).
(٢) من (و).