العالم الزاهد ، وهو أيضا كلي. ولو أضفت إليه قيد [بعد قيد (١)] إلى ألف ألف مرتبة ، كان الحاصل هو الكلي. فهذا إحدى المقدمات.
والمقدمة الثانية : إن الكلي ليس عين الجزئي والشخصي ، والعلم به ضروري.
والمقدمة الثالثة : إن الذات المخصوصة التي هي الله تعالى ليس أمرا كليا ، بل هو ذات معينة وحقيقة مشخصة.
إذا عرفت هذا فنقول : كل ما نعرفه من الله تعالى ، فهو أمر كلي [مقيد بقيد كلي. مثلا : إذا قلنا : موجود فهو كلي (٢)] فإذا قيدناه بقيد كونه موجودا واجب الوجود. كان المجموع هو أنه موجود واجب الوجود لذاته. ثم إذا قيدناه بقيد أنه ليس بجسم ولا بجوهر ولا بعرض ، كان المجموع كليا. فإذا قيدناه بالصفات الإضافية مثل قولنا : إنه عالم ، قادر ، حي ، كان ذلك تقييدا للكلي بالكلي ، فيكون المجموع الحاصل بعد ضم تلك القيود إليه أمرا كليا ، فيثبت : أن كل ما نعلمه من الله تعالى فهو أمر كلي. وثبت : أن هذا الكلي ليس هو نفس تلك الذات المخصوصة.
ثبت : أن العلم بهذه المعلومات الكلية ، ليس علما بتلك الذات المخصوصة. وإذا ثبت أنا لا نعلم إلا ذلك المعلوم الكلي ، وثبت أن العلم بذلك المعلوم الكلي ، ليس نفس العلم بتلك الذات المخصوصة ، لزم القطع بأنا لا نعرف تلك الذات المخصوصة.
فإن قالوا : [لما علمنا أنه سبحانه واحد ، وأنه لا يمكن أن تكون تلك الحقيقة حاصلة لشيء آخر سواه (٣)] فهذا المعلوم مانع من احتمال الشركة ، فلم يكن هذا المعلوم كليا ، بل كان علمنا به من حيث إنه تلك الذات المعينة. فنقول : العلم بأنه سبحانه واحد، وبأنه لا يمكن وقوع الشركة فيما بينها وبين
__________________
(١) من (س).
(٢) من (و).
(٣) من (و).