حصول تلك الصورة في جوهر النفس مقارنة بين تلك الماهية وبين جوهر النفس ، فلو كان إمكان المقارنة مشروطا بكونها في النفس ، يلزم أن يكون إمكان الشيء مشروطا بحصوله. وذلك محال» قلنا : هذا محض المغالطة ، وبيان هذه المغالطة مشروط بتقديم مقدمة ، وهي أنا نقول : إن المقارنة بين الشيئين جنس تحته أنواع ثلاثة. أحدها : مقارنة الحال للمحل. وثانيها : مقارنة المحل للحال. وهذه المقارنة مخالفة بالماهية للنوع الأول ، بدليل أن هذا النوع (يحصل للمحل ويمتنع حصوله للحال. والنوع الأول على الضد من ذلك. وثالثها : مقارنة الحالين في محل واحد. وهذا النوع) (١) مخالف بالماهية للنوعين الأولين. وإذا ثبت كون هذه الأقسام الثلاثة أنواعا مختلفة بالماهية لم يلزم من ثبوت حكم لنوع واحد منها ثبوته لسائر الأنواع.
إذا ثبت هذا فنقول : إذا حصلت المقارنة بين العلم بالله تعالى وبين العلم بشيء آخر. فهذه المقارنة عبارة عن مقارنة الحالين في محل واحد. وأما حصول المقارنة بين الصور النفسانية وبين جوهر النفس فهذه المقارنة عبارة عن مقارنة الحال للمحل. وهذا النوع مغاير بالماهية للنوع الأول ، وأما كون الذات الموجودة خارج الأعيان بحيث تقارنها الصور العقلية. فهذه المقارنة عبارة عن مقارنة المحل للحال. وإذا ثبت هذا فنقول : لما حصلت المقارنة بين العلم بالله وبين العلم بسائر الأشياء ، فقد حصلت المقارنة بين هذه الصور الذهنية بحيث تكون هذه المقارنة عبارة عن مقارنة الحالين في محل واحد (وإن هذا النوع من المقارنة مشروط بكون تلك الأشياء حالة في محل واحد ويصير) (٢) حاصل الكلام : أن إمكان النوع الأول من المقارنة مشروط بحصول النوع الثاني من المقارنة (وعلى هذا التقدير فلا يلزم أن يكون إمكان الشيء) (٣) موقوفا على حصوله (يلزم أن يكون إمكان نوع معين من المقارنة موقوفا على حصول) (٤)
__________________
(١) من (س).
(٢) من (م).
(٣) من (س).
(٤) من (س).