الفصل الخامس
فى
المسائل المقرعة على إثبات كونه تعالى عالما
فالمسألة الأولى : من الناس من قال : إن كونه تعالى عالما بنفسه. واحتج عليه بأن قال : علم الشيء بالشيء نسبة مخصوصة بين العالم وبين المعلوم ، وحصول النسبة مشروط بحصول التغاير ، فالشيء الواحد ، بالاعتبار الواحد ، يمتنع حصول النسبة فيه ، فيمتنع كونه عالما بنفسه. قالوا : وليس لأحد أن يجيب عن هذا من وجوه :
الأول : إن هذا يبطل بعلم كل واحد منا بنفسه. والثاني : إن اعتبار كونه عالما مغايرا لاعتبار كونه معلوما ، وهذا القدر من التغاير يكفي في صحته حصول هذه النسبة.
لأنا نجيب عن الأول فنقول : إن نفس الواحد منا ، ليست فردة منزهة عن جميع جهات التركيب ، بل لا بد وأن يحصل فيها جهة من جهات التركيب ، بل لا بد وأن يحصل فيها جهة من جهات التركب والتألف ، فلا جرم أمكن حصر الإضافة والنسبة فيها من بعض الوجوه ، فلا جرم صح كونه عالما بنفسه أما ذات الحق ـ سبحانه ـ ف إنها منزهة عن جميع جهات التركيب فردة من كل الوجوه ، فيمتنع حصول النسب والإضافات فيها ، فوجب أن يمتنع فيه كونه عالما بذاته.