القائمة بنفسها مغايرة للنسبة المخصوصة ، فيثبت بهذه الوجوه أنه يمتنع أن يكون علمه عين ذاته (١).
وأما بيان أنه يمتنع أن يكون علمه غير ذاته. فالدليل عليه : أن ذلك العلم إما أن يكون موجودا قائما بنفسه ، وإما أن يكون صفة قائمة بذاته ، والأول باطل ، لأن كونه عالما (بالمعلوم صفة له ، وصفة الشيء يمتنع كونه قائما بذاته ، فيثبت أن كونه عالما) (٢) بالأشياء صفة مفتقرة إلى ذاته ، والصفة المفتقرة إلى الذات تكون ممكنة بنفسها ، وكل ممكن فلا بد له من مؤثر ، وذلك المؤثر ليس إلا تلك الذات.
إلا أن هذا باطل من وجوه :
الأول : إن ذاته مؤثرة في وجود العالم ، فلو كانت مؤثرة في حصول ذلك العلم ، لكان قد صدر عن الواحد أكثر من الواحد ، وهو محال.
والثاني : إن الموصوف بذلك العلم ، هو تلك الذات ، فلو كان المؤثر فيه أيضا نفس تلك الذات لزم كون الشيء الواحد بالنسبة إلى الشيء الواحد قابلا وفاعلا معا (٣) ، وهو محال.
والثالث : إن افتقار الأثر إلى المؤثر ، يمتنع أن يحصل حال (بقاء الأثر ، وإلا لزم تكوين الكائن ، وتحصيل الحاصل ، وهو محال. فوجب أن يكون افتقاره إليه حال) (٤) العدم أو حال الحدوث. وعلى التقديرين ، فكل ما يكون مفتقرا إلى المؤثر ، فإنه محدث. فوجب فيما لا يكون محدثا أن لا يكون مفتقرا إلى المؤثر ، وعالمية الله قديمة ، فامتنع افتقارها إلى المؤثر.
الشبهة الثانية : أن يقال : العلم إما أن يكون صفة كمال ، وإما أن لا يكون. فإن كان الأول فيلزم أن يقال : إن ذاته ناقصة بذاتها ، مستكملة بتلك
__________________
(١) غير (س).
(٢) من (م).
(٣) معا (س).
(٤) من (م).