الفصل السادس
في
البحث عن كونه تعالى عالما بالجزئيات
من الناس من يحكي عن الفلاسفة أنهم يقولون : إنه تعالى غير عالم بالجزئيات. وهذه الحكاية فيها نظر. وذلك لأن ذاته المخصوصة ذات معينة ، وهو عالم بتلك الذات المعينة. ولا معنى للجزئي إلا ذلك ، فيكون عالما بالجزئي وأيضا : إنه لذاته علة العقل الأول ، والظاهر من مذهبهم أنهم يعترفون بكونه تعالى عالما به من حيث أنه هو ، بل الصحيح أن يقال : إنهم ينكرون كونه تعالى عالما بالمتغيرات من حيث إنها متغيرة وينكرون كونه تعالى عالما بالجسمانيات بحسب مقاديرها المعينة المخصوصة.
واحتجوا على إثبات مذهبهم بوجوه :
الحجة (١) الأولى : قالوا : لو فرضنا كونه عالما بأن زيدا جالس في هذا المكان ، فإذا قام زيد من ذلك المكان (٢) فعلمه بكونه جالسا ، إن بقي كان ذلك جهلا ، والجهل على الله تعالى محال. وإن لم يبق كان ذلك تغيرا ، والتغير على الله محال. فهذا هو الحرف الذي عليه تعويل القوم.
واعلم أن المتكلمين صاروا فريقين عند هذه الشبهة. فمنهم من يقول :
__________________
(١) الشبهة [الأصل]
(٢) المكان (س).