الفصل الثالث
في
بيان أنه لا تأثير لغير الاعتقاد
والظن في الدعاء الى الفعل
اعلم أن هاهنا أشياء سوى هذه الثلاثة يجب البحث عنها. أنها هل تدعو إلى الفعل أم لا؟
فالنوع الأول : إن الناس يقولون بحسب الظاهر : إن الداعي له إلى الفعل كونه في نفسه منفعة ومصلحة. والصارف له عن هذا الفعل كونه مضرة ومفسدة. واعلم أن هذا الكلام مجازي. وتحقيقه : إن اعتقاد كونه نفعا يدعوه إلى الفعل ، واعتقاد كونه ضررا يدعوه إلى الترك. فأما أن يقال : إن كونه في نفسه نفعا ، يدعوه إلى الفعل ، وكونه من نفسه ضررا يدعوه إلى الترك ، فهذا باطل.
ويدل عليه وجوه :
الأول : إنا بينا : لو حصل اعتقاد كونه منفعة راجحة مع أنه في نفسه لا يكون كذلك في نفسه راجحا (فإنه يصير ذلك الاعتقاد داعيا إلى الفعل ولو لم يحصل هذا الاعتقاد مع أنه يحصل كونه في نفسه نفعا راجحا) (١) لم يصر ذلك داعيا إلى الفعل فعلمنا : أن المؤثر هو اعتقاد كونه نفعا راجحا. وليس المؤثر هو كونه في نفسه نفعا راجحا.
__________________
(١) سقط (س).