الفصل الأول
في
حصر صفات الله تعالى
اعلم (١) أن المتكلمين حصروا الصفات في هذه الثمانية. وهي كونه حيا ، عالما ، قادرا ، مريدا ، سميعا ، بصيرا ، متكلما ، باقيا. فإذا قيل لهم : فهل تثبتون لله صفة أخرى؟ قالوا : لا. لأن الدليل لم يدل إلا على هذه الصفات ، وما لا دليل عليه يجب نفيه. وربما قالوا : لو جوزنا إثبات ما لا دليل عليه لم يكن عدد أولى من عدد آخر ، فيلزم إثبات أعداد لا نهاية لها من الصفات المجهولة. وذلك محال.
وقد علمت في علم المنطق : أن عدم العلم بالشيء لا يفيد العلم بعدم الشيء.
وعلمت أيضا : أن قول القائل : ليس عدد أولى من عدد. أن أريد به عدم هذه الأولوية في الذهن والعقل ، فذاك لا يفيد إلا التوقف وعدم الجزم ، وإن أريد به عدم الأولوية في نفس الأمر ، فهذا مما لم يمكن إثباته ، بل الواجب أن يقال : إن ما دل العقل على ثبوته قضينا بثبوته وما لم يدل العقل على ثبوته ولا على عدمه وجب التوقف فيه. والله أعلم.
__________________
(١) واعلم أن الفصول من هنا إلى آخر الكتاب الثالث من المطالب العالية ، فصول تفسيرية. وهي في النسخ تبدأ من الفصل الثالث عشر ، إلى الفصل الثاني والعشرين. وسنضع الفصول التفسيرية هذه تحت باب ، سميناه «كلمات في الصفات» وعنونا الفصول : بالفصل الأول ، والثاني ... إلخ.