الفصل الثاني
في
أنه تعالى عالم لذاته أو لمعنى؟
اعلم (١). أن أهم المهمات في هذه المسائل البحث عن محل الخلاف. فنقول : لا شك أن القادر هو الذي يصح منه الفعل. وهذه الصحة ليست نفس تلك الذات المخصوصة ، لأن المفهوم من هذه الصحة قد يعلمه من لا يعلم حقيقة تلك الذات المخصوصة. وأيضا : العالم هو الذي يكون له شعور بذلك الشيء ، وتبين به. وقد عرفت أن معنى الشعور والإدراك والتبيين لا يحصل البتة إلا عند حصول نسبة مخصوصة بين ذلك العالم وبين المعلوم. وهذه النسب والإضافات المسماة بالتعلق لا بد من إثباتها ، وإلا فيمتنع الاعتراف بكونه تعالى قادرا عالما ، فإن كان المراد بقولنا : إنه تعالى عالم وله علم. وقادر وله قدرة هذا المعنى فذلك مما لا سبيل البتة إلى إنكاره ، وإن كان معنى العالم هو الذات الموصوفة بهذه النسبة الخاصة ، ومعنى القادر هو الذات الموصوفة بتلك الصحة المخصوصة ، كان نفي هذه النسب ، وهذه الإضافات نفيا لكونه عالما قادرا. وإن كان المراد منه معنى آخر وراء ما ذكرناه فذلك يستدعي بحثا آخر ، سوى ما ذكرناه. وتقريره :
إن من المتكلمين من زعم : أن العلم صفة قائمة بذات العالم ، ولها تعلق بالمعلوم وهذا القائل أثبت أمورا ثلاثة : أحدها الذات. وثانيها :
__________________
(١) الرابع عشر [الأصل].