زائدة على الذات. وعندنا : إنها معللة بنفس الذات ، وعند هذا يظهر أن شيئا من هذه الدلائل لا يتوجه علينا البتة. وبالله التوفيق.
المقام الثاني : اعلم أنا قد ذكرنا أن المراد من القادرية كونه بحيث يصح منه الإيجاد والترك. والمراد من العالمية هذه النسبة المخصوصة والإضافة المخصوصة فنقول من المعلوم بالضرورة : أن هذه الصحة المخصوصة ، وهذه النسبة المخصوصة لا تكون ذوات قائمة بأنفسها مستقلة بحقائقها ، فهي لا بد وأن تكون ممكنة لذواتها ، وكل ممكن فلا بد له من سبب. وذلك السبب إما تلك الذات أو غيرها. والأول باطل وإلا لكانت تلك الذات مفتقرة في لوازمها إلى غيرها ، والمفتقر إلى الغير ممكن لذاته ، فواجب الوجود لذاته ممكن لذاته فيثبت أن الموجب لهذه الأحكام والنسب هو ذاته المخصوصة ، إلا أنه بقي هاهنا بحث آخر ، وهو : أن اللوازم على قسمين لوازم بغير وسط ولوازم بوسط. فهذه العالمية والقادرية لا يبعد أن يكون موجبها هو عين ذات الله ، ولا يبعد أيضا أن يقال : إن ذات الله تعالى توجب أمرا ، وذلك الأمر يوجب هذه العالمية والقادرية ، وسواء قلنا : تلك الواسطة واحدة ، أو وسائط كثيرة ، فكل واحد من الوجهين محتمل. إلا أنا نقول : لما كان لا بد من الاعتراف بكون تلك الذات المخصوصة موجبة لهذه النسب والإضافات. إما بواسطة وإما بغير واسطة ، وكانت الواسطة مجهولة وجب على سبيل الأولى والأخلق حذف هذه الواسطة من البين. والاعتراف بكون الذات المخصوصة موجبة لها. والذي يقرر ذلك : أنا إذا استدللنا بحدوث العالم على الفاعل المختار. فإذا قيل : لم لا يجوز أن يقال : بأن الفاعل المختار معلول علة موجبة بالذات؟ قلنا : لما وجب الاعتراف بوجود موجود واجب الوجود لذاته ، وبوجود الفاعل المختار ، كان الأولى أن نقول : ذلك الفاعل المختار هو ذلك الموجود الواجب لذاته ، وحذفنا الوسائط من البين. فلما قلنا هذا في المعلولات المباينة عن ذات الله تعالى ، وجب أيضا أن نقوله ونعقله في الصفات القائمة بذات الله.
واحتج القائلون بإثبات هذه المعاني بوجوه :
الأول : وهو أن العلم في الشاهد صفة متعلقة بالمعنى ، فيجب أن يكون