في الغائب كذلك ، لأن الحقيقة والماهية لا تختلف بسبب اختلاف الشاهد والغائب.
والثاني : إن العالمية حصلت بعد أن لم تكن في الشاهد ، فوجب كون العلم صفة موجودة ، ولا يمكن أن يقال : إن الذي حدث هو مجرد النسب والإضافات لأن ذات الجسم لا يمكن أن تكون متعلقة بالمعلوم ، فوجب أن يكون الحادث صفة يحصل لها هذا التعلق.
والثالث : إن العلم ما له تعلق بالمعلوم ، فلو كانت الذات متعلقة بالمعلوم لزم أن تكون ذات الله علما ، وذلك باطل.
ولمجيب أن يجيب عن الأول : فيقول : العلم في الشاهد ليس إلا هذا التعلق المخصوص ، وإلا هذه النسبة المخصوصة. ونحن نعقل من معنى العلم إلا هذا الشعور وهذا الإدراك وهو ليس إلا هذه النسبة المخصوصة.
وعن الثاني : لم لا يجوز أن يقال : هذه النسبة المخصوصة إذا حدثت في الجسم فقد حصل العلم والشعور والإدراك ، وإذا لم تحصل فقد زال العلم فإما أن يعتقد أنه حصل صفة وحصل لتلك الصفة هذا التعلق ، فهذا ممنوع؟
وعن الثالث : إنا لا نسلم أن العلم عبارة عن شيء متعلق بالمعدوم ، بل العلم عبارة عن نفس التعلق ، وعن نفس تلك النسبة المخصوصة. وعلى هذا فإنه لا يلزم من كون الذات موصوفة (بذلك التعلق) (١) أن تكون الذات عالما ، فهذا تمام كلامنا في هذا الباب (والله أعلم بالصواب) (٢)
__________________
(١) من (س).
(٢) من (م).