الفصل الرابع
في
أن تكوين الشيء هل هو نفسه ، نفس المكون ، أو غيره؟
اعلم (١). أنه تعالى إذا أخرج الشيء (إلى الوجود) (٢) ، فههنا أمران : أحدهما : ذلك المكون. والثاني ، أنه تعالى كون ذلك الشيء وأخرجه من العدم إلى الوجود ، فتكوين الله تعالى إياه. هل هو نفس ذلك الأثر أم هو مغاير له؟ ونظير هذا البحث في الشاهد أن التحريك هل هو عين الحركة؟ والتسويد. هل هو عين السواد؟ فمن قال : التكوين نفس المكون. قال (التحريك نفس الحركة ، والتسويد نفس السواد. ومن قال : التكوين نفس المكون. قال (التحريك نفس الحركة ، والتسويد نفس السواد. ومن قال : التكوين غير المكون. قال) (٣) في هذه الصورة بالتغاير. وهذا البحث غامض ، وله غور عظيم.
ونقول : لمن قال : إن التكوين غير المكون أن يحتج بأنه إذا قيل : لم حدث هذا الشيء؟ ولم وجد بعد أن كان معدوما؟ فيقول : لأجل أن القادر أحدثه وأوجده ، فيعلل وجوده بأحداث المحدث إياه ، وبإيجاد الموجد إياه. فلو كان إحداث المحدث إياه نفس وجود ذلك الأثر ، لصار قولنا : إنه إنما وجد لأجل أن القادر أوجده ، جاريا مجرى أن يقال : إنه إنما وجد لنفسه ، لكنه لو
__________________
(١) الفصل السادس عشر [الأصل]
(٢) من (س).
(٣) من (م ، س).