الفعل وإما الترك. فكان قوله (١) : «التكليف إنما يصح حال ما يكون الإنسان متردد الدواعي» كلاما باطلا.
والذي نريد تقريره : أنه لا معنى لكونه متردد الدواعي إلى الفعل وإلى الترك (إلا أن يكون الحاصل في اللحظة الأولى هو الدواعي إلى الفعل ، ويكون الحاصل في اللحظة الثانية هو الداعي إلى الترك (٢) إلا أنه في اللحظة التي حصل فيها الداعي إلى الفعل يكون الإنسان (٣) كالملجإ إلى الفعل. وفي اللحظة التي حصل فيها الداعي إلى الترك يكون الإنسان كالملجإ إلى الترك. وعلى هذا التقدير فلا يبقى لقولهم : إن التكليف إنما يصح حال كون الإنسان متردد الدواعي إلى الفعل وإلى الترك. معنى.
الفرع الثاني : إنا قد بينا أنه حصل اعتقاد أن الفعل راجح المصلحة وجب الفعل. وإذا حصل اعتقاد أن الفعل راجح المفسدة وجب الترك ثم نقول : هذه الاعتقادات قد تكون باقية ، وقد تكون متغيرة ، فإن كان اعتقاد رجحان جانب الصلاح باقيا ، بقي (الفعل ، وإن كان اعتقاد رجحان جانب الفساد باقيا بقي الترك ، وإن كان اعتقاد التعادل باقيا (٤)) بقي التعارض ، وبقي ما كان على ما كان. أما إذا كانت هذه الاعتقادات شريعة الزوال والتبدل فتارة يقع في القلب : أن الراجح هو جانب الصلاح. وفي اللحظة الثانية ينقلب فيحصل في القلب : أن الراجح هو جانب الفساد ، فعند ذلك يتغير الإنسان من الفعل إلى الترك تارة (٥). ومن الترك إلى الفعل أخرى ، ففي اللحظة التي حصل في القلب اعتقاد أن جانب الصلاح أرجح يصدر عنه الفعل. وفي اللحظة الثانية التي حصل في القلب اعتقاد (٦) جانب الفساد أرجح يحصل الترك ثم لما توالت هذه الاعتقادات المختلفة والتصورات المتباينة. لا جرم يقع الاضطراب في الفعل والترك ، فتارة يقدم على الفعل ، وأخرى يقدم
__________________
(١) ربما يقصد صاحب «شرح الأصول الخمسة».
(٢) من (م).
(٣) الإنسان (س).
(٤) من (م).
(٥) تارة (م).
(٦) اعتقاد (س).