الفصل السادس
في
إثبات كونه تعالى حكيما
اعلم (١). أن الحكمة مفسرة بأمرين : أحدهما : الحكمة النظرية ، وهي معرفة حقائق الأشياء. وعلم الله تعالى أكمل العلوم وأفضلها ، فوجب أن تكون حكمته أفضل أنواع الحكمة ، وأكملها. والثاني : الحكمة العملية ، وهي عبارة عن الفعل المفضي إلى حصول المنفعة ودفع المضرة.
ثم نقول : إن كان المقصود من ذلك الفعل إيصال النفع إلى النفس ، ودفع الضرر عن النفس ، فهذا هو المسمى بداعي الشهوة ، وإن كان المقصود من ذلك الفعل إيصال النفع إلى الغير ودفع الضرر عن الغير ، فهذا هو المسمى بداعي الحكمة. ولما ثبت بالدلائل أن الله تعالى منزه عن الشهوة والنفرة ، والألم واللذة. كانت داعية الشهوة ممتنعة الثبوت في حقه.
بقي الكلام في إثبات داعية الحكمة لله تعالى. فنقول : للفلاسفة في تقرير هذا المطلوب طريق. وللمعتزلة طريق آخر. ونحن نذكر كل واحد منهما على الوجه الأحسن (٢).
أما طريق الفلاسفة : فهو أنهم قالوا : إن العقل يحكم بأن الموجود. إما
__________________
(١) الفصل الثامن عشر [الأصل].
(٢) اللائق (س).