الفصل السابع
في
أن تحسين العقل وتقبيحه هل هو معتبر أم لا (١)؟
أطبقت المعتزلة والكرّامية على (إثبات تحسين العقل وتقبيحه. وأطبقت الفلاسفة والجبرية على) (٢) إنكاره ، والمختار عندنا : أن تحسين العقل وتقبيحه بالنسبة إلى العباد معتبر ، وأما بالنسبة إلى الله تعالى فهو باطل.
أما إثباته في حق العباد فيدل عليه وجوه :
الأول : إنا نرى أن العقلاء قبل علمهم بالشرائع والنبوات مطبقين على حسن مدح المحسن ، وحسن ذم المسيء. فإن من أحسن إلى محتاج ، فإن ذلك المحتاج يجد من صريح عقله ، حسن مدحه وذكره بالخير ، ولو أساء رجل إليه فإنه يجد من صريح عقله حسن ذمه. وهذا الحكم حاصل ، سواء كان ذلك الإنسان مؤمنا يصدق بالأنبياء أو لم يكن كذلك. فعلمنا أن هذا الحسن مقرر في عقولهم.
والثاني : إنه لا معنى للقبيح الشرعي إلا أن الشرع يقول له : إنك إن فعلت الفعل(٣) الفلاني صرت معاقبا عليه ، فيقول عقله : هل نقضي بوجوب
__________________
(١) الفصل العشرون [الأصل].
(٢) من (س).
(٣) الفعل (س).