الفصل الثامن
في
إثبات ان التكليف بما لا يطاق واقع
وأنه متى كان الأمر كذلك امتنع أن يقال
إنه تعالى يراعي مصالح العباد
الذي يدل على أن التكليف بما لا يطاق واقع وجوه :
الحجة الأولى : إنه تعالى أخبر عن أقوام معينين أنهم لا يؤمنون البتة. فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ. أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١) وقال أيضا : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢) وقال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (٣) وقال : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) إلى قوله : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) (٤).
إذا ثبت هذا فنقول : إنه تعالى أخبر عن شخص معين أنه لا يؤمن قط ، فلو صدر منه الإيمان لزم انقلاب خبر الله (الذي هو) (٥) الصدق كذبا ، والكذب على الله محال ، والمفضي إلى المحال محال ، فصدور الإيمان منه محال ، فالتكليف به : تكليف بالمحال.
وقد يذكر هذا في صورة العلم وهو أنه تعالى : لما علم منه أن لا
__________________
(١) البقرة (٦).
(٢) يس (٧).
(٣) المسد (١).
(٤) المدثر (١١ ـ ١٧).
(٥) زيادة.