الفصل الخامس
في
بقية الكلام في هذا الباب
الفرع الأول : إنه هل يعقل وجود فعل يكون نفعا من كل الوجوه؟
قال بعضهم : إن هذا كالمتعذر. لأن الإنسان إذا واظب على الإتيان بنوع واحد (١) من العمل ، ظهر فيه التعب والإعياء. ولو لا أنه حصل بالفعل الأول نوعا من أنواع التعب. لما ظهر (٢) التعب الشديد عند المداومة على العمل. إلا أنه لما كانت المنافع المتولدة من ذلك العمل أكثر من المضار المتولدة منه ، صار ذلك التعب القليل مخففا غير مشعور به. وأقول : هذا الكلام حق في أفعال الجوارح ، لأنها لا تنفك (٣) عن حركة لتلك الأعضاء. والحركة والسخونة توجب الموجب للضعف. وأما الأفعال النفسانية الروحانية المحضة فهي منافع خالية عن جهات الضرر بالكلية. وهذا هو أحد الأسباب الموجبة لفضل اللذات الروحانية على اللذات الجسدانية.
واختلفوا أيضا : في أنه هل يعقل وجود فعل يكون ضررا من كل الوجوه؟ والحق : أنه باطل. لأن كل فعل. صدر عن فاعل ، وكان فاعله
__________________
(١) واحد (س).
(٢) وإلا لما (م ، س).
(٣) تخلو (م).