الفصل العاشر
في
حكاية كلمات المعتزلة في القول بتحسين العقل وتقبيحه
اعلم (١). أن القوم لهم في هذا الموقف نوعان من الكلام :
الأول : ادعاء الضرورة في ثبوت الحسن والقبح في الشاهد. ثم بعد تقرير هذا المقام يزعمون : أنه لما ثبت ذلك في الشاهد وجب ثبوته في الغائب.
والثاني : إثبات أن الحسن يحسن لوجوه عائدة إليه ، وأن القبح يقبح لوجوه عائدة إليه بالحجة والدليل.
أما المقام الأول : وهو الذي (عول) (٢) عليه الأكثرون ، فتقريره : أنهم قالوا : إن كل من كان سليم العقل ، إذا أحسن إليه رجل حكم عقله الصريح بأنه يجب عليه شكره ومدحه ، وإن من أساء إليه وضربه فإنه يحسن منه ذمه ولومه ، ألا ترى أن من كان تحت يد ظالم وذلك الظالم يشمر لقتله فذهب إنسان إلى ذلك الظالم وسعى في تخليصه من يده ، فإذا حصل ذلك الخلاص ، فإن صريح عقل ذلك المظلوم يحكم عليه بشكر ذلك الرجل الذي سعى في تخليصه. ولو أن إنسانا رمى وجه إنسان بآجرة ، فإن صريح عقله يحكم بالفرق بين ذلك الرامي وبين تلك الآجرة ، فإنه يجد من عقله حسن ذم ذلك الرامي ،
__________________
(١) الفصل الثالث والعشرون [الأصل].
(٢) من (م).