الفصل الحادي عشر
في
الجواب عن هذه الوجوه التي عوّلوا عليها
أما الوجه (١) الأول : وهو ادعاؤهم الضرورة في العلم بحسن الإحسان وقبح الظلم. فنقول : الجواب عنه من وجهين :
الأول : لا شك أن كل تصديق ، فإنه يجب أن يكون مسبوقا بتصور ما فيه من الموضوع والمحمول ، فقولكم : الإحسان حسن. إن كان المراد منه أنه محبوب الطبع ، ومرغوب النفس لكونه سببا لحصول المنافع. فهذا حق صحيح (٢). ولا ننازعكم في أن العلم بحسنه على هذا التفسير. علم ضروري. وأيضا : إن كان المراد من قولكم : الظلم قبيح أنه مكروه الطبع ومبغوض القلب ، لكونه سببا لحصول الآلام والغموم والأحزان ، فلا نزاع في أن العلم بكونه قبيحا بهذا التفسير علم ضروري ، إلا أنه على هذا التفسير (٣) (لا يمكن) (٤) إثبات الحسن والقبح في حق الله تعالى ، لأنه لما صار الحسن والقبح مفسرين بالمنفعة والمضرة ، والمصلحة والمفسدة ، وكان ذلك في حق الله ممتنعا ، كان إثبات الحسن والقبح بهذا التفسير ممتنع الثبوت في حق الله تعالى. وإن أردتم
__________________
(١) الرابع والعشرون.
(٢) وهذا هو مراد المعتزلة.
(٣) التقدير (م).
(٤) من (م).