الفصل السادس
في
أن صدور الفعل هل يتوقف على الداعي أم لا؟
أما الفلاسفة فقد أطبق المحققون منهم عليه. وبه قال أبو الحسين البصري (١) من المعتزلة. وأكثر المتكلمين اتفقوا على أنه لا يتوقف عليه (٢).
احتج القائلون بأن صدور الفعل عن القادر ، لا يتوقف على الدواعي بوجوه :
الحجة الأولى : إن القادر يمكن وجوده خاليا عن كل الاعتقادات ، وهو في هذه الحالة يمكن صدور الفعل عنه ، وذلك يدل على أن صدور الفعل عن القادر ، لا يتوقف على حصول الداعي ، فيفتقر في تقرير هذا الدليل إلى إثبات أمرين :
الأول : إن القادر يمكن وجوده خاليا عن كل الاعتقادات. ويدل عليه وجهان :
الأول : إن الواحد منا قادر على تحريك إصبعه. ومعلوم أن إصبعه جسم مركب من أجزاء كثيرة. وتلك المسافة مركبة من أجزاء كثيرة. وهذا القادر غير
__________________
(١) من الطبقة الثانية عشرة للمعتزلة.
(٢) هو لا يتوقف على الداعي بالنسبة لله تعالى.