الفصل السابع
في
تقرير دلائل القائلين بأن الفعل لا يصدر
عن القادر الا عند حصول الداعي
اعلم. أن هؤلاء احتجوا بوجوه :
الحجة الأولى : إن القادر لما كانت نسبته إلى الفعل وإلى الترك على السوية ، فلو رجح أحد الجانبين على الآخر ، من غير مرجح (لكان قد ترجح أحد طرفي الممكن المتساوي على الآخر ، من غير مرجح (١) والعلم الضروري حاصل بفساد ذلك. فإن قالوا : النزاع وقع في أن القادر : هل يمكنه أن يرجح أحد مقدوريه على الآخر ، لا لمرجح؟ ولما ادعيتم أن ذلك معلوم الامتناع بالضرورة فقد ادعيتم العلم الضروري في محل النزاع. فنقول : إن قولكم : القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر ، لا لمرجح. كلام مشتمل على مغالطة لطيفة. وتقريره : أن نقول : هل لقولك (٢) (مرجح) في قولك : القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر (لا لمرجح) (٣) : مفهوم زائد على أصل كونه قادر أم لا؟ فإن كان له مفهوم زائد ، فذلك المقدور إنما ترجح على المقدور الآخر ، لأجل أن هذا المفهوم الزائد انضم إلى أصل كونه قادرا ، فصار مجموعهما مؤثرا في وقوعه ، فعلى هذا التقدير نقول : إنما ترجح هذا الجانب (على الجانب) (٤)
__________________
(١) من (م ، س).
(٢) الكلام في شرح الأصول الخمسة ، وفي المجموع بالمحيط في التكليف ، وفي المغني.
(٣) من (س).
(٤) من (س).