الذهاب إليه في ذلك الطريق (المعين. والدليل عليه : أنه لما أراد الذهاب إليه ، وعلم أنه لا يمكن الذهاب إليه إلا بذلك الطريق) (١) فحينئذ نعلم أنه لا يمكنه تحصيل المطلوب إلا بهذا الطريق المعين. وما كان من لوازم المطلوب كان مطلوبا ، فصارت تلك الإرادة الكلية موجبة لهذه الإرادة الجزئية (٢) فيثبت بمجموع ما ذكرنا : أن الداعية الكلية لا تكون سببا قريبا لحصول الأفعال الجزئية بل لا بد من دواعي جزئية تكون مبادي للأفعال الجزئية.
ثم هاهنا. بحث آخر وهو : أن تلك الإرادة الكلية تصير سببا لحدوث إرادات متعاقبة متوالية. وذلك لأنه لما أراد الذهاب إلى ذلك الصديق ، وعلم أنه لا يمكنه الوصول إلى هذا المراد ، إلا برفع قدم ، ووضع أخرى. فحينئذ تصير تلك الإرادة علّة لحصول إرادة جزئية ، لرفع القدم من ذلك الموضع الذي هو فيه ، ووضعه في مكان آخر أقرب إلى دار ذلك الصديق ، ثم يحدث من تلك الإرادة الكلية إرادة ثانية متعلقة برفع ذلك القدم من ذلك المكان ، ووضعه في مكان آخر ، أقرب من الأول ، وعلى هذا الوجه فتلك الإرادة الكلية وتلك الداعية الكلية تصير سببا (٣) لحدوث إرادة مقتضية لحدوث الخطوة الأولى. وبعد انقضاء تلك الخطوة (تصير تلك الإرادة الكلية بعينها علة لحدوث إرادة ثانية مقتضية لحدوث الخطوة) (٤) الثانية. فالحاصل : إن تلك الإرادة الكلية باقية من أول تلك الحركة إلى آخرها ثم إنها تصير في أول الأمر علة لحدوث الإرادة الجزئية الأولى المتعلقة بالخطوة الأولى. وبعد انقضاء تلك الإرادة الجزئية الأولى تصير (٥) علة لحدوث الإرادة الجزئية الثانية المتعلقة بالخطوة الثانية. فالعلة المؤثرة في تلك الدواعي الجزئية هي تلك الداعية الكلية (٦) إلا أن انقضاء كل إرادة جزئية متقدمة ، شرط لصيرورة تلك الداعية الكلية مؤثرة في حدوث الداعية الجزئية (الثانية. والله ولي التوفيق) (٧).
__________________
(١) من (م).
(٢) الجزئية (م).
(٣) تصير (س).
(٤) من (م).
(٥) تصير (س).
(٦) الكلية (س).
(٧) من (م ، ت).