القادر والموجب
بين الفلاسفة والمتكلمين وأهل الأديان (١)
قال أهل الملل والنحل : المؤثر إما أن يقع مع جواز أن لا يؤثر وهو القادر ، أو يؤثر لا مع جواز أن لا يؤثر ، وهو الموجب فهذا التقسيم يدل على أن كل مؤثر ، فهو إما قادر ، وإما موجب. ثم عند هذا قالوا : القادر هو الذي يصح منه أن يؤثر تارة ، وأن لا يؤثر أخرى ، بحسب الدواعي المختلفة. هذا ملخص الكلام في الفرق بين القادر وبين الموجب.
قالت الفلاسفة (٢) : القول بإثبات مؤثر يكون تأثيره على سبيل الصحة ، لا على سبيل الوجوب : قول مشكل. وبيانه من وجوه :
الحجة الأولى : وهو أن كل شيء نفرضه مؤثرا في أثر. فإما أن يكون كل ما لا بد منه في كونه مؤثرا في ذلك الأثر حاضرا ، وإما أن لا يكون مجموع تلك الأمور حاضرة. فإن كان كل ما لا بد منه حاضرا وجب ترتب الأثر عليه ، لأنه لو لم يجب ذلك لصح تخلف الأثر عنه ، وكل ما كان ممكنا لم يلزم من فرض وقوعه محال. فلنفرض ذلك المجموع تارة مع حصول الأثر ، وأخرى لا مع حصوله.
__________________
(١) القادر والموجب بين الفلاسفة والمتكلمين وأهل الأديان [زيادة].
(٢) هذه مشكلة الموجب بالذات. وهو أن يكون الإله والعالم متلازمان ، مثل : النار إذا وجدت ، وجد معها الإحراق. أي الإحراق لا ينفك عن النار. أي العالم والإله ، معا. وهذا المذهب باطل. والفاعل بالاختيار هو المذهب الحقيقي.