الفصل الأول
في
حد القادر
أجود ما قيل فيه : أنه الذي يصح منه أن يفعل تارة ، وأن لا يفعل أخرى ، بحسب الدواعي المختلفة. وتفسير الدواعي : هو أن الإنسان إذا علم أو ظن ، أو اعتقد ، أن له في الفعل الفلاني مصلحة راجحة. فعند حصول أحد هذه الثلاثة ، يحصل في قلبه ميل جازم إلى الفعل (فإن كانت أعضاؤه سليمة فإن عند حصول ذلك الميل في قلبه يصدر عنه ذلك الفعل) (١) وأما إن علم ، أو ظن ، أو اعتقد أن له في الفعل الفلاني مفسدة راجحة ، فعند حصول هذا العلم ، او الاعتقاد ، أو الظن ، يحصل في قلبه نفرة جازمة عن ذلك الفعل ، فإن كانت أعضاؤه سليمة ، ترتب على حصول تلك النفرة ، مع سلامة الأعضاء : الترك. وهذا هو المراد بالداعي.
ويتفرع على ما ذكرناه مباحث :
الأول : في بيان السبب الذي لأجله سميت هذه الأشياء الثلاثة بالداعي. فنقول : الدعاء : اسم للقول المخصوص. إلا أن الإنسان إذا علم ، أو ظن ؛ أو اعتقد أن له في فعل مخصوص خيرا راجحا ، فإنه يصير ذلك العلم ، أو الاعتقاد ، أو الظن ، حاملا له على الفعل (فأشبه ذلك كون ذلك
__________________
(١) من (س)