سلب المسبوقية بالعدم ، وثبت أن المسبوقية بالعدم صفة سلبية يثبت أن القدم سلب للسلب ، فوجب كونه صفة ثبوتية.
إذا ثبت هذا فنقول : لو فرضنا وجود قدماء لكانت متشاركة في هذا المفهوم ، وبعد ذلك إما أن تكون مخالفة في شيء من المقومات أو لا تكون. فإن لم يختلفا في شيء من المقومات ، فحينئذ تكون القدماء متماثلة في تمام الماهية. والمتساويات في تمام الماهية متساوية في لوازم الماهية ، فيلزم كون كلها علة للبواقي ، وكون كلها معلولة للبواقي ، وكل ذلك محال. وإما إن كانت متخالفة في سائر المقومات. فنقول : إنها متساوية في القدم ، ومختلفة في ذلك الاعتبار الآخر ، وما به المشاركة مغاير ، لما به المخالفة ، فيلزم كون كل واحد من تلك القدماء مركبا من قيدين.
ثم نقول : كل واحد من ذينك القيدين لا بد وأن يكونا متشاركين في القدم ، لأن ما ليس بقديم يمتنع كونه جزءا من ماهية القديم ، وإذا كان الجزءان متشاركين في القدم ، ولا بد وأن يكونا مختلفين باعتبار آخر. فحينئذ يكون كل واحد من ذينك الجزءين مركبا من جزءين آخرين (١) والكلام في كل واحد منهما كما في الأولين ، فيلزم كون كل واحد من أولئك القدماء مركبا من أجزاء غير متناهية. وذلك محال لوجوه.
أقربها : أن كل كثرة متناهية كانت أو غير متناهية فإن الواحد فيها موجود ، لكن ذلك الواحد قد يشارك غيره في القدم ، ويخالفه في خصوصيته فذلك الواحد مركب من جزءين ، فذلك الواحد ليس بواحد. فإن تلك الكثرة لم يحصل فيها (٢) واحد. وإذا لم يحصل الواحد لم تحصل الكثرة. فيثبت أن هذا يفضي إلى التناقض. وإنما لزم ذلك من فرض وجود القدماء ، فكان القول به محالا (٣) ، ولما كان الإله قديما ، امتنع كون العالم قديما.
__________________
(١) آخرين من (س).
(٢) لم (م).
(٣) محالا (س).