عبارة عن البقاء على العدم الأصلي. بل [هو (١)] عبارة عن فعل ضده. وعلى هذا التقدير، فالترك يصح أن يكون مقدورا.
والجواب : إن هذا باطل. لأنا قلنا : الله [تعالى] (٢) قادر على إيجاد الجسم وعلى تركه (٣) ثم فسرنا الترك بفعل الضد ، فهذا يقتضي أن يكون للجسم ضد. فنقول : إنه تعالى، إما أن يكون قادرا على تركهما معا ، أو لا يمكنه ذلك. فإن أمكنه تركهما معا ، لم يكن ترك جميع الأضداد أمرا وجوديا مضادا لها ، وإلا لزم أن يكون عدم جميع الأضداد الوجودية ضدا ، فيكون نفي الشيء عين ثبوته. وهو محال. وأما القسم الثاني ، وهو أن القادر لا يمكنه ترك الضدين [معا] (٤) فنقول : لما كان الباري تعالى قادرا على فعل الأجسام في الأزل ، لزم أن يقال : إنه يجب أن يكون إما فاعلا للأجسام في الأزل ، وإما فاعلا لضد الأجسام ، وعلى هذا التقدير ، لزم إما قدم الأجسام ، وإما قدم ضد الأجسام. وكل ذلك عندكم باطل محال.
الحجة الثامنة : إن تلك القادرية ، إما أن تكون حادثة ، أزلية. والأول باطل ، لأنها لو كانت حادثة لافتقر حدوثها إلى سبق قادرية أخرى ، ولزم التسلسل. والثاني أيضا باطل. لأنها [لما] (٥) كانت متعلقة من الأزل إلى الأبد بإيجاد [ذلك] (٦) الحادث المعين. فإذا وجد ذلك الحادث ، فإن بقي ذلك التعلق ، فهو محال. لأنه يقتضي القدرة على إيجاد ما هو موجود ، وهو محال. وإن لم يبق ، فحينئذ يلزم زوال القديم ، وهو أيضا محال.
فإن قيل : إنه تعالى بعد إيجاد ذلك الحادث ، بقي قادرا كما كان. وبيانه من وجهين:
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ط ، س)
(٣) الترك (ت)
(٤) من (ط)
(٥) من (س)
(٦) سقط (ط)