الأول : إنه يمكنه إيجاد عوالم (١) أخرى ، بعد إيجاد ذلك العالم فيثبت : أن القدرة باقية كما كانت. والثاني : أنه تعالى بقي أيضا قادرا على إيجاد هذا العالم ، من بعض الوجوه. وذلك لأنه قادر على أن يعدم هذا العالم. وإذا أعدمه ، كان قادرا على أن يوجده مرة أخرى على سبيل الإعادة. فيثبت : أنه تعالى بعد إيجاد هذا العالم ، بقي قادرا على ما كان.
والجواب [أن نقول (٢)] : إن محل الإلزام شيء ، مغاير لما ظننتموه (٣) وهو أنه تعالى كان من الأزل إلى الأبد : قادرا على إيجاد هذا العالم [ثم] (٤) بعد أن أوجد هذا العالم لم يبق قادرا على إيجاد هذا العالم بعينه ، وإلّا لزم أن يكون قادرا على إيجاد [الموجود وهو محال. وإذا لم يبقى قادرا على إيجاد] (٥) هذا العالم ، مع أنه كان من الأزل إلى وقت إيجاد هذا العالم ، كان قادرا على إيجاد هذا العالم. فحينئذ يلزم عدم القديم ، وزوال الأزلي (٦) فأما أنه تعالى بقي قادرا على إيجاد عوالم أخرى (٧) غير هذا العالم ، فلا تعلق له. بمحل الإلزام.
أما قوله : [ثانيا] (٨) بأنه تعالى بقي قادرا على إيجاد هذا العالم ، بشرط أن يعدمه أولا ، ثم يعيده ثانيا. فنقول : هذا أيضا بعيد من وجهين :
الأول : إن ما فني وعدم ولم يبق له ذات ولا خصوصية ، فإن عوده بعينه مما لا يقبله العقل.
الثاني : هب أنه يصح ذلك ، إلا أنه تعالى كان في الأزل قادرا على إيجاد هذا العالم من دون هذه الواسطة ، ثم إنه بعد أن أوجد هذا العالم ، ما بقيت
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ت)
(٣) طلبتموه (ت)
(٤) من (ط)
(٥) سقط (ط)
(٦) الأزل (ت)
(٧) عالم آخر (ت)
(٨) سقط (ط)