على أن ذلك يوجب الدور ، فكانت تلك الأجوبة ساقطة بالكلية [والله أعلم] (١)
الحجة العاشرة : إن القدرة يمتنع [أن يكون (٢)] لها أثر في حصول المقدور. وإذا كان الأمر كذلك ، امتنع القول بثبوت القدرة.
أما بيان المقام الأول فمن وجهين :
الأول : [إن] (٣) القادر. لما كان متمكنا من الفعل والترك ، امتنع أن يكون مجرد القادرية مؤثر في وقوع الفعل ، لأن كونها قدرة ، يقتضي أن تكون نسبتها إلى الطرفين على السوية. وكونها مؤثرة في وقوع الفعل بعينه ، يقتضي أن يكون نسبتها [إلى طرف] (٤) الوجود راجحة على نسبتها إلى طرف العدم. والجمع بين هذين القولين : جمع بين النقيضين، وهو محال. فيثبت أن مجرد القادرية لا تأثير له في وقوع المقدور البتة.
الثاني : إنا إذا قلنا : لم وجد هذا الشيء ، بعد أن كان معدوما؟ فإن العقل لا يجوز أن نقول : إنما وجد هذا ، لأن القادر كان قادرا عليه. فإنه يقال : (٥) وهو قادر على سائر المقدورات ، مع أنها لم توجد. فعلمنا : أن هذا الذي وجد. فهو إنما وجد ، لا لكون القادر قادرا عليه ، بل لأجل أن القادر أوجده وصنعه وخلقه ، وأخرجه من العدم إلى الوجود. وصدق هذا النص والإثبات يدل على أن المؤثر في وجود الأثر ، إنما هو كون المؤثر مؤثرا فيه ، وموجدا (٦) [له] وأن هذا المفهوم مغاير للمفهوم من كونه قادرا على الفعل. فيثبت بما ذكرنا : أن القدرة يمتنع أن يكون لها أثر في وجود المقدورة. وإذا ثبت هذا ، امتنع أن يكون للقدرة أثر في الشيء. وذلك لأنه ثبت بما ذكرنا : أن
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ط)
(٣) سقط (ت)
(٤) تعالى (ت)
(٥) وجد جدا له ، أو أن (ت).