وإن كان الثاني ، لزم أن يكون الفاعل مستكملا بذلك الإيجاد (١). وقد أبطلناه.
الوجه الخامس : هو أن الإيجاد يستلزم حصول الحاجة إلى المأكول والمشروب وغيرهما. فإذا أعطى الخالق تعالى المحتاج إليه ، فقد حصل الاستغناء بالشيء. أما إذا لم يوجد ، فقد حصل الاستغناء عن الشيء. لكن الاستغناء عن الشيء أفضل من الاستغناء (٢) بالشيء. وبدليل : أن الاستغناء عن الشيء من صفات الله [تعالى] (٣) والاستغناء بالشيء من صفات العباد ، وما كان صفة لله تعالى فهو أكمل ، مما كان صفة للعباد.
وإذا ثبت هذا ، فالحاصل عند العدم هو الاستغناء عن الشيء. والحاصل عند الوجود [هو] (٤) الاستغناء بالشيء. وقد ثبت : أن الأول أفضل من الثاني. فيلزم : أن يقال : الإيجاد يوجب تفويت الأكمل ، ويوجب حصول الأخس والأرذل ، وإذا كان كذلك ، امتنع كون الإيجاد إحسانا إلى المخلوق.
الوجه السادس : أن نقول : إن الوجوه الخمسة السالفة ، إنما نذكرها ، لو قدرنا : أن كل ما اشتهاه الإنسان وأراده ، ومال طبعه إليه ، يكون حاضرا. وليس الأمر كذلك ، لأنا [نرى] (٥) أن أحوال أهل الدنيا بالعكس من ذلك. فإنا نرى (٦) أن أكثرهم يكونون في الغموم والهموم ، والأحزان والمخاوف ، والمتالف والحرق والغرق ، [والهرم] (٧) والعمى والزمانة. وأما في الآخرة.
__________________
(١) الحال (ت)
(٢) استغناء (ط ، س)
(٣) من (ت)
(٤) من (ط)
(٥) من (ت)
(٦) نرى أكثر الخلق يكونون (ط)
(٧) من (ط ، س)