الأول من الزمان ، علة للجزء الثاني منه ، لزم حصولهما معا. فحينئذ لا يكون الزمان زمانا. هذا خلف.
وبهذا الدليل أيضا ثبت أنه لا يجوز أن يكون تقدم بعض أجزاء الزمان على البعض بالذات أو بالشرف أو بالمكان. بقي أن يكون بالزمان. فنقول [هذا (١)] أيضا محال. لأن التقدم بالزمان عبارة عن كون المتقدم حاصلا في زمان ما كان المتأخر حاصلا فيه ، ثم حصل زمان آخر يحصل فيه ذلك المتأخر ، فلو كان بعض أجزاء الزمان متقدما على البعض بالزمان ، لزم أن يكون كل جزء من أجزاء الزمان حاصلا في زمان آخر ، بحيث يكون أحدهما ظرفا للآخر ووعاء له. ثم الكلام في أجزاء ذلك الوعاء كالكلام في الأول ، فيلزم أن يكون كل زمان حاصلا في زمان آخر إلى غير النهاية ، وتكون كلها موجودة معا دفعة واحدة وذلك أيضا باطل لوجهتين :
الأول : إنه يلزم أن لا تكون هذه الساعة الحاضرة ساعة واحدة ، بل ساعات غير متناهية ، وذلك مدفوع في بديهة العقل.
والثاني : إن مجموع الأمسيات (٢) الغير المتناهية ، متقدم على مجموع الأيام الحاضرة ، وتقدم ذلك المجموع على هذا المجموع بالزمان والظرف مغاير للمظروف ، فذلك الذي هو ظرف المجموع ووعاؤه ، لا بد وأن يكون خارجا عن ذلك المجموع ، لوجب كون الظرف والوعاء مغاير للمظروف ، ويجب أن لا يكون خارجا عنه ، لوجوب أن يكون الفرد من أفراد الشيء داخلا في مجموعه ، فهذا يقتضي أن يكون الشيء الواحد بالنسبة إلى المجموع الواحد ، داخلا فيه وخارجا عنه ، وذلك محال. فيثبت بهذا البرهان : أن تقدم بعض أجزاء الزمان على البعض قسم سادس مغاير للأقسام الخمسة ، وإذا عقل ذلك فليعقل مثله في تقدم عدم الحادث على وجوده.
الحجة الخامسة في تقرير هذا المطلوب : أن نقول : صريح العقل
__________________
(١) من (ط)
(٢) الامتياز (ت)