الوجود في الأزل ، بل كان صحيح الوجود في الأزل. وأما بيان أنه متى كان كذلك ، لزم أن يكون موجودا في الأزل : فلأن كل ما لا يكون موجودا في الأزل ، استحال (١) عقلا أن يكون عدمه أزليا. فإن غير الأزلي يمتنع عقلا أن ينقلب (٢) أزليا.
وهذا الكلام يستدعي مزيد تقرير فنقول : الذي لا يكون حاصلا قسمان : أحدهما :
الذي لا يكون حاصلا مع أنه يمكن أن يصير حاصلا. وذلك مثل الجسم الذي لا يكون متحركا (٣) ، فيصير بعد ذلك متحركا.
والقسم الثاني : الذي لا يكون حاصلا ، مع أنه يمتنع أن يصير حاصلا وهذا مثل الشيء الذي يصدق عليه : أنه ما كان أزليا. فإن ذلك الشيء يمتنع أن يصير أزليا ، لأن الذي لا يكون أزليا معناه أنه ما كان موجودا فيما مضى [والأزلي هو الذي كان موجودا فيما مضى (٤)] فلو قلنا : إن [الشيء (٥)] الذي ما كان موجودا في الأزل ، ينقلب فيصير موجودا في الأزل : كان معنى هذا الكلام : أن الذي كان معدوما في الزمان الماضي ، صار الآن موجودا في الزمان [الماضي] (٦) وذلك يقتضي إيقاع التصرف في الزمان الماضي. وهو محال. فيثبت بهذا التقرير : أن الذي ما كان موجودا في الأزل ، يمتنع أن يصير بعد ذلك موجودا في الأزل. وهذا ينعكس انعكاس النقيض ، وهو أن الذي لا يمتنع أن يكون (٧) موجودا في الأزل [فإنه يجب أن يقال : إنه كان موجودا في
__________________
(١) استحال أن يصير بعد عدمه أزليا (ت)
(٢) يكون (ت)
(٣) فإنه قد يصير (ت)
(٤) من (ط)
(٥) من (س)
(٦) من (س)
(٧) كونه (ط)