الأزل ، فلما (١)] دللنا على أن [العالم لا يمتنع أن يكون موجودا في الأزل (٢)] ودللنا على أن كل ما لا يمتنع أن يكون موجودا في الأزل : وجب أن يكون موجودا [في الأزل (٣) وجب القول بأنه كان موجودا في الأزل. وهذا معنى قول المحققين : «إن الأزلي كل ما صح في حقه : وجب» فإن قالوا : فهذا التقرير الذي ذكرتم قائم بعينه في كل واحد من الصور والأعراض الحادثة ، فيلزم كونها بأسرها أزلية. فنقول : الفرق ظاهر بين البابين. وذلك لأن إمكان كل واحد من هذه الحوادث ، مشروط بوجود الحادث [الذي (٤)] كان متقدما عليه ، فلما كانت هذه الإمكانات مشروطة بهذه الشرائط المخصوصة ، لا جرم امتنع حصول هذه الإمكانات بدون هذه الشرائط. فيثبت : أن إمكان وجود كل حادث ، إنما حصل في ذلك [الوقت (٥)] المقدر المعين. وذلك يقتضي أن يكون كل حادث مسبوقا بحادث آخر ، لا إلى أول. وذلك يوجب عين ما ذهبنا إليه. فهذا تقرير هذه الحجة.
وقد يقررونها من وجه آخر. وهو أنهم قالوا : المخالف يزعم أن كون العالم موجودا في الأزل [محال (٦)] ممتنع. فلما أقمنا الدليل على فساد ذلك القول ، فقد بطل قولهم في ادعاء هذا الامتناع ، وفسد كل ما يحتجون به ، ويعولون عليه في إثبات هذا الامتناع.
الحجة الثالثة : أن قالوا : إنا نبين أن العلوم على قسمين : ضرورية بديهية لا يرتاب العقل فيها ، ولا يفتقر في إثباتها إلى دليل وحجة. ونظرية ، وهي التي تكون محتاجة إلى الدليل [والنظر (٧)] والذي يدل على أن الأمر كذلك : أنا لا نشك في أنا نعلم أمرا من الأمور ، وشيئا من الأشياء. فنقول :
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) من (ط ، س)
(٣) من (ط ، س)
(٤) من (ت)
(٥) من (ط ، س)
(٦) من (ط)
(٧) من (ط)