والخشب والحجر واللبن. حكوما عليه [بالجنون (١)] وفي أمثلة هذا الباب : كثرة. وكلها [تدل (٢)] على أن صريح العقل شاهد (٣) بأن الشيء لا يحدث إلا من مادة سابقة.
الثاني : إنا إذا رأينا صحراء خالية عن جميع وجوه العمارات ، ثم رأينا أنه [حدث (٤)] فيها قصرا مشيدا ، وبناء رفيعا ، وأنهارا جارية ، وبساتين عامرة. فههنا يقضي العقل بأشياء :
أحدهما : أن يقال : من الذي بناه؟ ومن الذي تولى هذه العمارات؟ وهذا يدل على أن صريح العقل ، حاكم بأنه لا بد للبناء من الباني.
وثانيها : [ويقال (٥)] من أي موضع أجريت هذه الأنهار؟ ومن أي مكان نقلت هذه الأحجار والخشب والآلات التي منها بنيت هذه العمارات؟ ولو أن قائلا قال : إنها إنما تكونت [بنفسها (٦)] ابتداء من غير تقدم حصول هذه الأجسام ، لقضوا عليه بالجنون. وذلك يدل على أن صريح العقل ، حاكم بافتقاره الحادث إلى مادة سابقة عليه.
وثالثها : أن يقال : متى حدث هذا البناء؟ وفي أي وقت حصل؟ ولو أن قائلا قال : إنه حدث لا في وقت ، ولا في زمان ، لقضوا عليه بالجنون. وذلك يدل على أن صريح العقل ، حاكم بأنه لا يتقرر الحدوث إلا في وقت وزمان. إذا عرفت هذا فنقول : حكم صريح العقل إما أن يكون مقبولا أو لا يكون. فإن كان مقبولا ، وجب كونه مقبولا في الكل. فكما وجب الحكم بافتقار الحادث إلى الفاعل ، وجب الحكم بافتقاره إلى المادة والمدة. وإن لم يكن
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ط ، س)
(٣) حاكم (ط)
(٤) من (ت)
(٥) من (ت)
(٦) من (ت)