مقبولا ، وجب أن لا يكون مقبولا أصلا. فأما أن يقبل في البعض دون البعض ، فهو متناقض.
الوجه الثالث في بيان افتقار الحادث إلى المادة : هو أنه لو كان التخليق من العدم المحض والنفي الصرف : ممكنا. لكان هذا النوع من التخليق أكمل وأفضل من التخليق بواسطة تغير المادة في الأحوال والصفات. وترك الأفضل دائما لا يليق بالحكيم العليم. فلو قلنا : إنه تعالى خلق جميع الأجسام ، لا عن مادة ، لوجب أن يحصل تكوين هذه الأشياء التي نشاهدها على هذا الوجه. وحيث لم توجد البتة ، علمنا أن التكوين عن العدم المحض : محال. [والذي (١)] يقرره : أن من أراد بناء قصر أو دار ، فإنه لا (٢) يشتغل بإعداد اللبن والجذوع والمسامير ، لو كان يمكنه إيجاد القصر والدار دفعة واحدة. ولما لم نشاهد البتة تكوين شيء مما شاهدناه عن العدم المحض ، علمنا : أن ذلك في نفسه : محال ممتنع. فيثبت بهذه الوجوه الثلاثة : أن كل محدث ، فلا بد له من مادة سابقة.
وأما المقدمة الثانية : فهي قولنا : إنه يجب أن تكون تلك المادة قديمة. والدليل عليه: أنها لو كانت حادثة ، لافتقرت إلى مادة أخرى ، ولزم التسلسل.
وأما المقدمة الثالثة : وهي أن تلك المادة ليست إلا الجسم. فالدليل (٣) أن نقول : لا شك أن الحامل [للصورة (٤)] والأعراض [المحسوسة (٥)] هو الجسم. فالجسم إما أن يكون قائما بنفسه ، أو يكون له محل. والأول هو المقصود (٦) والثاني [باطل (٧)] لأن محل الجسم ، إن كان مختصا بالحيز ، كان
__________________
(١) من (س)
(٢) لا يستعمل إلا بإعداد (ت)
(٣) الدليل بديهي
(٤) من (س)
(٥) من (ط ، س)
(٦) المعقول (ط)
(٧) من (ط ، ت)