المقدمة الثالثة
في
شرح مذاهب الناس في هذه المسألة
اعلم أن هذا العالم الجسماني المحسوس ، لا شك أنه جسم موصوف بصفات مخصوصة ، وذلك الجسم هو المادة ، وتلك الصفات هي الصورة. فنقول : العالم إما أن يكون محدثا بمادته [وصورته ، وإما أن يكون قديما بمادته وصورته ، وإما أن يكون قديما بمادته ومحدثا بصورته ، وإما أن يكون محدثا بمادته (١)] وقديما بصورته ، وإما أن يتوقف في هذه الأقسام. فهذه هي الأقسام الممكنة في هذا الباب.
أما القسم الأول وهو أن يقال : العالم محدث بمادته وصورته. فهذا قول أكثر أرباب الملل والنحل من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : العالم قديم بمادته وصورته ، فهذا هو قول أرسطاطاليس وأتباعه من المتقدمين والمتأخرين ، ومنهم أبو نصر الفارابي ، وأبو علي بن سينا. وتفاصيل هذا المذهب : أن الأجسام إما فلكية ، وإما (٢) عنصرية.
أما الأجسام الفلكية فهي أزلية أبدية في ذواتها ، وفي جميع صفاتها ، وهي
__________________
(١) من (ط)
(٢) أو (ط)