بد له من سبب حادث ، وذلك باطل ، لأن ذلك السبب ، لكونه سببا لمجموع الحوادث ، يجب أن يكون مغايرا لذلك المجموع. ولكونه حادثا يكون داخلا في مجموع. ولكونه حادثا يكون داخلا في مجموع الحوادث ، فيكون الشيء الواحد ، داخلا في ذلك المجموع ، وخارجا عنه. وهو محال.
والثالث : إن الحس يدل على أن أجزاء الحركة ما حصلت على الاجتماع دفعة واحدة ، والأشخاص التي [دخلت في الوجود (١)] بأسرها لم توجد مجتمعة في هذا الزمان المعين. ولما ثبت : أن كل حادث ، فلا بد من استناده إلى حادث آخر ، لا إلى نهاية. وثبت : أن تلك الأسباب والمسببات التي لا نهاية لها ، لم توجد دفعة : وجب أن يقال : إن كل واحد منها استند إلى ما قبله لا إلى أول. وذلك هو المطلوب.
فإن قالوا : فعلى هذا لتقدير ، يلزم أن [يكون (٢)] المعدوم علة للموجود. فنقول : ليس الأمر كذلك ، بل العلة المؤثرة في وجود المعلول : هو الموجود القديم الدائم ، وكل واحد من هذه الحوادث [فإنه (٣)] شرط لكون ذلك القديم مؤثرا في وجود الحادث المتأخر ، على ما سبق تقريره.
الحجة الثانية : أن نقول : لو كان الجسم حادثا ، لكان حدوثه إما أن يكون عين ذاته ، أو زائد عليه. والقسمان باطلان فالقول بحدوث : باطل. إنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون حدوثه نفس ذاته لوجهين :
الأول : أن المراد من الحدوث خروجه من العدم إلى الوجود ، فالجسم حال بقائه ليس حادثا بهذا التفسير ، فلو كان حدوثه عين ذاته. ثم إن الحدوث غير حاصل في الزمان الثاني، وجب أن لا تبقى ذاته في الزمان الثاني. فهذا يقتضي أن يكون الجسم ممتنع البقاء. وذلك باطل.
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (س)
(٣) من (ت)