[متنافيان (١)] ولا بد من فرض شيء ، تلحقه هذه القبلية والبعدية لذاته ، قطعا للتسلسل. وذلك الشيء هو الزمان. فقبل كل حادث (٢) : زمان لا أول [له (٣)] وهو المطلوب.
فإن قيل : لا نسلم أن تقدم الشيء على غيره : صفة ثبوتية. ويدل عليه وجوه :
الأول : إنكم وصفتم عدم الشيء بكونه متقدما على غيره. وصفة العدم يمتنع أن تكون موجودة. وإلا لزم قيام الموجود بالمعدوم ، وهو محال.
الثاني : إن التقدم والتأخر لو كانا صفتين موجودتين ، لكانت تلك الصفة متأخرة أيضا على عدمها ، فيلزم : أن تكون لتلك الصفة : صفة أخرى إلى غير النهاية ، دفعة واحدة. وهو محال.
الثالث : لو كان التقدم والتأخر صفتين موجودتين ، لكانا من مقولة المضاف. والمضافان يوجدان معا. فالتقدم والتأخر يوجدان معا ، فيلزم : كون المتقدم والمتأخر معا ، وهو محال. وإذا ثبت أن التقدم والتأخر ، ليسا صفتين موجودتين ، لم يلزم افتقارهما إلى محل موجود.
أجابوا عنه : بأنه لا حاجة بنا في هذا الدليل إلى بيان كون التقدم والتأخر صفتين موجودتين. بل يمكننا إثبات مطلوبنا مع قطع النظر عن هذه المقدمة. وتقريره : إن التقدم والتأخر لا يعقل حصولهما ، إلا عند تبديل حالة بحالة ، وإلا عند تغيره من صفة إلى صفة. فإنه لو لم يحدث أمر من الأمور ، ولم تتغير حالة من الأحوال ، لم يحصل هناك شيء يحكم عليه بأنه صار ماضيا ، ولا على شيء بكونه مستقبلا. وذلك لأن الماضي هو الذي كان موجودا ، ثم زال الآن. والمستقبل هو الذي يتوقع حضوره ، وهو الآن لم يحضر. فالماضي
__________________
(١) من (ت)
(٢) محدث (ت)
(٣) من (ط)