والمستقبل والحال لا يتقرر مفهوماتهم (١) إلا عند وجود بعد عدم ، أو عدم بعد وجود. فلما ثبت حصول معنى القبلية والبعدية قبل أول الزمان ، علمنا : أن حدوث الحوادث كان حاصلا قبل ذلك الأول. وهذا يناقض كون ذلك الأول : أولا. [والله أعلم (٢)]
الحجة السابعة : لا شك أنه يصدق على ذات الله تعالى : أنه كان موجودا في الأزل، وأنه سيكون [موجودا (٣)] في الأبد. فهل يتميز في حقه : مفهوم أنه كان موجودا في الأزل ، عن مفهوم أنه [موجود أو (٤)] سيكون في لا يزال ، أو لا يتميز؟
وهذا القسم الثاني : باطل في بديهة العقل ، لأنه إن لم يتميز أحد المفهومين عن الثاني ، لكان المفهوم من هذين الكلامين مفهوما واحدا ، ولكان التعبير عنه بهذين اللفظين : مخض في العبارة. وبديهة العقل : حاكمة بأنه ليس كذلك. فإن المفهوم من قولنا : كان في الأزل : إشارة إلى الماضي. والمفهوم من قولنا : سيكون في لا يزال : إشارة إلى المستقبل. ولو غيرنا العبارة ، وقلنا : إنه كان في المستقبل ، وسيكون في الماضي ، فإن صريح العقل يشهد بفساده. فعلمنا : أن التغاير بين هذين المفهومين : حاصل في بديهة العقل. إذا ثبت هذا فنقول : إنه تعالى : محكوم عليه بالوجود. والحصول مع كل واحد من هذين. المفهومين [لكن واحدا من هذين المفهومين (٥)] : غير محكوم عليه بالحصول ، مع المفهوم الآخر. وذلك يوجب كون كل واحد من هذين المفهومين مغايرا لذات الله تعالى. وأيضا : فهما مغايران للمفهوم من كون العالم معدوما. فإن المفهوم من العدم ، يمكن تعقله مع الأزل تارة ، ومع الأبد أخرى. فيثبت : أن المفهوم من الأزل ، وأن المفهوم من الأبد : [أمر (٦)]
__________________
(١) مفهوماتها (ت)
(٢) من (ت)
(٣) من (ط)
(٤) من (ت)
(٥) من (ط ، س)
(٦) من (ط ، س)