مغاير لذات الله تعالى ، ولعدم العالم. بل المفهوم من الأزل : دوام لا أول له ، في طرفي الماضي. والمفهوم من الأبد : دوام لا آخر له في المستقبل. وهذان الأمران مغايران لذات الله تعالى ، ولعدم العالم. ولا معنى للمدة والدهر والسرمد إلا ذلك. فيثبت : أنه لا أول للدهر والمدة.
الحجة الثامنة : لو كان العالم حادثا ، لصدق قولنا : إنه تعالى كان موجودا مع عدم العالم. والمفهوم من قولنا : «كان» : إما أن يكون هو وجود البارئ [تعالى (١)] وعدم العالم فقط. أو المفهوم (٢) منه هذان الأمران ، بشرط خاص وكيفية خاصة. والأول باطل لأن قولنا : سيكون البارئ موجودا مع عدم العالم ؛ قد حصل فيه وجود البارئ وعدم العالم ، مع أنه [لم (٣)] يحصل منه ما هو المفهوم من قولنا : كان البارئ مع عدم العالم. فيثبت : أن قولنا : كان البارئ مع عدم العالم : إشارة إلى وجود البارئ وعدم العالم ، بشرط خاص وكيفية خاصة. ولا شك أن ذلك الشرط ، وتلك الكيفية : أمر دائم من الأزل إلى الآن. ولا معنى للمدة والزمان (٤) إلا ذلك [المفهوم (٥)]
الحجة التاسعة : إن صريح العقل يشهد بأنه لا مفهوم من كون الشيء محدثا ، إلا أن نقول : إن ذلك الشيء ما كان موجودا في الوقت المتقدم ، ثم صار موجودا [فلو حكمنا على الزمان : بكونه محدثا. لكان معنى كونه محدثا : أنه ما كان موجودا في الوقت المتقدم ، ثم صار موجودا (٦)] وهذا يقتضي : أن الوقت والزمان كان موجودا ، قبل أن كان موجودا. وهو محال. لأن كل ما أفضى فرض عدمه إلى فرض وجوده ، كان فرض عدمه محالا. وهذا الدليل كما تقرر في جانب الأول ، فهو بعينه قائم في جانب الآخر. فالمدة تمتنع أن يحصل لها أول وآخر.
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) والمفهوم (ت ، ط)
(٣) من (ط)
(٤) الأزل (ط)
(٥) من (س)
(٦) من (س)