عالما بهذا المعلوم ، وبذلك المعلوم. فإن زعمتم : أن انضاف علمه إلى هذا المعلوم ، [وإلى (١)] ذلك المعلوم غير حاصل في نفس الأمر. فهذا نفي لكونه تعالى عالما بهذه المعلومات. وإن سلمتم : أن تلك الإضافات حاصلة في نفس الأمر ، فقد لزم السؤال لا محالة.
النقض الثاني : أن نقول : إنه تعالى لما كان عالما. بجميع المعلومات. فإذا علم شيئا ، وجب [أن يعلم (٢)] كونه عالما بذلك الشيء ، وأن يعلم كونه عالما بكونه عالما بذلك الشيء ، وهكذا إلى ما لا نهاية له. فقد حصل في هذا المعلوم الواحد مراتب لا نهاية لها من المعلومات (٣) ولما كانت معلومات الله [تعالى (٤)] غير متناهية ، وثبت : أن لله تعالى بحسب كل واحد من المعلومات علوم لا نهاية لها. فحينئذ يلزم أن يقال : إنه حصل لله تعالى علوم لا نهاية لها ، لا مرة واحدة ، بل مرارا غير متناهية (٥) وذلك يبطل قولكم : إن الأعداد التي لا نهاية لها ، يمتنع دخولها في الوجود. لا يقال : العلم بالعلم بالشيء ، نفس العلم بذلك الشيء. وأيضا : فبتقدير التغاير ، إلا أن هذه المراتب التي لا نهاية لها ، لا تحصل بالفعل بل بالقوة. لأنا نقول : أما الكلام الأول فضعيف. لأن المعلوم والعلم شيئان متغايران. فكان العلم بأحدهما مغايرا للآخر ، فكان العلم بالمعلوم مغايرا للعلم بذلك العلم. وأما الكلام الثاني فضعيف. لأنه تعالى لو كان عالما بتلك المراتب لا بالفعل بل بالقوة ، فحينئذ يلزم تجهيل (٦) الله تعالى منه. وأيضا : يلزم كون (٧) الله تعالى محلا للحوادث ، لأن كل ما كان بالقوة ، فإنه لا يمتنع خروجه إلى الفعل.
النقض الثالث : إنه تعالى متمكن من إيجاد جميع الممكنات. ولا شك أن أنواع
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ط)
(٣) المعلوم (ط ، ت)
(٤) من (ط ، ت)
(٥) لا نهاية لها (ط)
(٦) تحصيل الله تعالى عنه (ط)
(٧) كونه محلا (ط ، ت)