النقض السابع : نحن نعلم بالضرورة : أن امتداد دوام ذات الله تعالى من الأزل إلى هذا اليوم، أطول (١) من امتداد دوامه من الأزل إلى يوم الطوفان. وحينئذ يعود كل ما ذكرتموه من الوجوه فيه. فإن كانت تلك الوجوه توجب إثبات أول للأحوال الماضية ، لزم كونها موجبة إثبات أول لوجود الله تعالى ، وإنه فاسد.
النقض الثامن : إن صحة حدوث الحوادث من الأزل إلى وقت الطوفان ، أقل من امتداده من الأزل إلى هذا اليوم. فيلزم : إثبات أول لهذه الصحة. وذلك محال لوجهين :
الأول : إنه يلزم أن يقال : إنه كان قبل ذلك المبدأ ممتنعا لعينه ، ثم انقلب بعده ممكنا [لعينه (٢)] وإنه محال.
والثاني : وهو أن كل وقت يفرض كونه أولا ، لإمكان حدوث الحوادث. فإن ذلك الإمكان كان حاصلا قبل ذلك الأول ، فإنه لو حصل ذلك الحادث قبل ذلك لأول بيوم أو يومين ، فإنه بسبب هذا القدر لا يصير أزليا فيثبت بهذا : أن فرض أول وبداية لصحة حدوث الحوادث : محال.
النقض التاسع : إنه يعارض جانب الأزل بجانب الأبد. فنقول : لا شك أن إمكان حدوث الحوادث من يوم الطوفان ، إلى آخر الأبد [أكثر من صحتها من هذا اليوم إلى آخر الأبد (٣)] فإن أطبقنا طرف هذين الامتدادين من هذا الجانب ، فإن امتدا ، أبدا من الجانب الآخر ، من غير أن يظهر التفاوت ، يلزم : أن يكون الزائد مساويا للناقص. وهو محال. وإن ظهر التفاوت من ذلك الجانب ، لزم انتهاء صحة حدوث الحوادث من جانب الأبد ، إلى آخر ونهاية. وذلك باطل بالاتفاق.
النقض العاشر : أن نقول : اعتبار أحوال الموجودات ، يوجب التزام
__________________
(١) أطول من الدوام ، أزيد من دوامه من الأزل ... الخ (ت ، ط)
(٢) من (ط)
(٣) من (ط ، س)