التسلسلات والتزام القول بوجود موجودات لا نهاية لأعدادها ، ولا نهاية لآحادها.
ونحن نشير إلى بعض تلك الصور :
فالأول : إن الإمكان صفة ثابتة للممكن ، وتلك الصفة الثابتة ليست واجبة الوجود لذاتها ، فهي ممكنة فيكون إمكان الإمكان زائدا عليه ، ولزم التسلسل.
الثاني : إن كون الواجب واجبا : صفة لذات الواجب. ثم ذلك الوجوب لا يعقل أن يكون ممكنا. وإلا لما بقي الواجب واجبا ، بل وجب كونه واجبا. فيكون وجوبه زائدا عليه ، ولزم التسلسل.
الثالث : إن المفهوم من الإنسان ، مغاير للمفهوم من كونه : هذا الإنسان. فيلزم : أن يكون تعين كل شخص زائدا على ماهيته ، ثم إن التعين أيضا ماهية مشترك فيها بين آحاد التعينات ، فوجب أن يكون تعين [التعين (١)] زائدا عليه ، ولزم التسلسل.
الرابع : إن المفهوم من كون الشيء مؤثرا في الأثر ، مغايرا لذات المؤثر ، ولذات الأثر. بدليل : أنه يصح تعقل ذاتيهما مع الذهول عن كون هذا مؤثرا في [ذلك ، وكون ذاك (٢)] أثرا لهذا. والمعلوم : مغاير لغير المعلوم ، فكون هذا مؤثرا في ذاك ، مغاير لذات هذا ، ولذات ذاك. ثم ذلك التغاير (٣) صفة لذات ذلك المؤثر ، وصفة الشيء مفتقر إلى ذلك الموصوف ، والمفتقر إلى الغير ممكن لذاته ، والممكن لذاته لا بد له من مؤثر ، فمؤثرية المؤثرية في حصول تلك المؤثرية : زائدة عليها ، فيلزم التسلسل.
الخامس : كون الجسم موصوفا بالسواد ، مفهوم مغاير لذات الجسم
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ط)
(٣) المغايرات (ت ، ط)