وجوده عليها. وكل ما كان مسبوقا بوجود غيره ، فلوجوده أول. فيلزم أن يحصل لجميع الحوادث (١) أول وبداية. وهو المطلوب. فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون المؤثر في وجود هذه الحركات موجبا بالذات؟ قوله : «لا يلزم (٢) أن يدوم كل جزء من الأجزاء المفترضة في تلك الحركة ، لأجل دوام ذلك الموجب» قلنا : لا نسلم أن ذلك لازم. وبيانه : أن الموجب لنزول الثقيل هو ثقله الطبيعي ، وذلك الثقل باقي في الأحوال كلها. ولم يلزم عن بقاء ذلك الثقل ، بقاء كل واحد من الأجزاء المفترضة [في حركة (٣)] ذلك الثقيل ، فكذا هاهنا. بل التحقيق : أن نقول : إيجاب ذلك الثقل للجزء المتأخر من الحركة ، مشروط بحصول الجزء المتقدم : فالموجب والمؤثر هو الثقل. إلا أن إيجابه لكل جزء من الأجزاء المفترضة في تلك الحركة مشروط بانقضاء الجزء المتقدم. وعلى هذا التقدير لا يلزم من دوام العلة الموجبة لتلك الحركة ، دوام كل جزء من أجزاء تلك الحركة. وهذا الكلام قد أطنبنا في تقريره ، حيث نقلنا [مذهب الحكماء في كيفية كون المبدأ (٤)] القديم علة لوجود الحوادث المتعاقبة.
السؤال الثاني : هب أن المؤثر فيها فاعل مختار. إلا أنكم تدعون [كون (٥)] ذلك الفاعل المختار ، فاعلا لكل واحد من أجزاء تلك الحركة ، أو تدعون كونه فاعلا لجميعها؟ فإن [كان (٦)] الأول ، كان اللازم منه كونه متقدما على كل واحد من تلك الأجزاء. لكن لم قلتم : إنه لما كان متقدما على كل واحد من تلك الحركات ، وجب كونه متقدما على مجموعها؟ فإن هذه المقدمة إن صحت ، لم يكن بنا حاجة إلى هذا الدليل الطويل. بل نقول : لما كان العدم سابقا على [كل واحد من الحوادث ، وجب كونه سابقا على (٧)] كلها. فإن لم يجب هذا لم يجب [أيضا (٨)] ما ذكرتموه. وأما إذا ادعيتم كونه تعالى فاعلا لكل واحد منها ولمجموعها أيضا. فنقول : نسلّم : أنه تعالى فاعل
__________________
(١) الحركات (، ط)
(٥) من (ط)
(٢) يلزم (ت ، ط)
(٦) من (ط)
(٣) اله (ت ، ط)
(٧) من (ط)
(٤) من (س)
(٨) من (ط)