كل واحد منها مسبوق بالآخر ، لا إلى أول.
وإذا ثبت هذا فنقول : إن أردتم بمقدمة هذه الشرطية وبتاليها ما ذكرتم. فحينئذ يكون المقدم عين التالي. وهو فاسد. وإن أردتم به مفهوما آخر ، فلا بد من بيانه ليزول الاشتباه.
الحجة التاسعة : قالوا : كل واحد من الحوادث الماضية له أول ، فوجب أن يكون للكل أول. كما أنه لما كان كل واحد من الزنج : أسود ، وجب أن يكون الكل أسود.
اعترض الخصم. وقال : «حاصل هذا الكلام يرجع إلى أن [حكم (١)] الكل يجب أن يكون مساويا لحكم كل واحد من أجزائه» وهذه القضية ليست حقه بحسب كليتها ، بل قد يحصل التساوي وقد لا يحصل.
والدليل على أنه قد لا يحصل التساوي : وجوه.
الأول : إن كل شيء وجزؤه ، لا يتساويان في كونه كلا وجزءا. وذلك لأن الكل يصدق عليه : أنه كل ، ويكذب عليه أنه جزء. وأما الجزء فيصدق عليه : أنه جزء ، ويكذب عليه أنه كل. فثبت أن الكل والجزء لا يتساويان في كل الأحكام ، وكذلك كل واحد من أجزاء العشرة ليس بعشرة ، مع أن مجموع العشرة موصوف بأنه عشرة.
والثاني : إن لكل من الناس رأس [واحد (٢)] وليس للكل رأس واحد.
والثالث : إن الجسم يجوز خلوه عن الحركة بعينها ، وعن السكون بعينه ، مع أنه لا يجوز خلوه عنهما معا.
والرابع : إن كل واحدة من المقدمتين لا توجب النتيجة ، ومجموعهما يوجبها.
الخامس : إن كل واحد من أهل التواتر ، يجوز الكذب عليه. وأما
__________________
(١) من (ط)
(٢) من (ط)