موجودا له. فلو كان صدق [هذا (١)] النفي والإثبات يوجب حدوث صفة في الذات ، أو زوالها عنه. لزم حدوث الصفة في ذات الله تعالى ، ثم إن حدوثها يكون بإحداث الله تعالى ، وذلك يوجب التسلسل.
فإن قالوا : لا معنى لكونه موجودا للعالم ، إلا نفس (٢) وجود العالم. فنقول : هذا يوجب نفي الصانع. لأنا لما قلنا : العالم إنما وجد ، بإيجاد الله تعالى ، ثم فسرنا إيجاد الله تعالى للعالم : بنفس وجود العالم : فحينئذ يلزم أن يقال : العالم إنما وجد لنفسه (٣) وصدق هذا الكلام يمنع من صدق قولنا : إنه إنما وجد بإيجاد الله تعالى ، وذلك باطل.
الرابع : وهو أن السكون إذا حصل في المحل ، بعد أنه ما كان حاصلا فيه. فنقول : صارت هذه الذات محلا لهذه السكون ، بعد أنه ما كان محلا له. فصدق هذا النفي والإثبات يوجب أن يقال : كون الذات محلا لهذا السكون : عرض زائد على ذات السكون. ثم إن الذات تصير أيضا محلا لتلك المحلية. وذلك يوجب التسلسل. لا يقال : إنه لا معنى لكون [الذات (٤)] محلا لذلك السكون ، إلا عين ذلك السكون. لأنا نقول : إنه يصح تعقل ذلك السكون ، مع الشك في حصوله في ذلك المحل. والمعلوم : غير ما هو غير معلوم. وذلك يوجب التغاير. وأيضا : فحصول ذلك السكون في ذلك المحل : نسبة مخصوصة بين ذلك السكون وبين ذلك المحل ، فهي مغايرة لهما ، وحينئذ يعود الإلزام.
الخامس : إن مدار كلامهم في أنه لا يجوز أحد العدمين بالآخر على حرف واحد ، وهو أن العدم ليس في نفسه تعين ولا تشخص ولا تميز. وذلك ممنوع. والذي يدل عليه وجوه :
__________________
(١) من (ط).
(٢) إلا أن نفس (ط)
(٣) يوجد بنفسه (ت)
(٤) من (ط)